مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 921

مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 921

حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، قال: كتب إلي ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لو أن الناس أعطوا بدعواهم، ادعى ناس من الناس دماء ناس وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه " (1)

هذا الحديث يتضمن أصلا كبيرا في القضاء، وهو أن اليمين على المدعى عليه، كما أن البينة على المدعي؛ حيث يقول التابعي عبد الله بن أبي مليكة: "كنت قاضيا لابن الزبير على الطائف" وذلك في زمان خلافة عبد الله بن الزبير وتغلبه على الحجاز، والطائف حاليا: مدينة سعودية تقع في منطقة مكة المكرمة غرب السعودية على المنحدرات الشرقية لجبال السروات، وكانت بها قبيلة ثقيف حينئذ، "فذكر قصة المرأتين"، وقد ذكرها البخاري في الصحيح: "أن امرأتين كانتا تخرزان"، أي: تخيطان، "فى بيت أو في الحجرة، فخرجت إحداهما وقد أنفذ بإشفى في كفها"، أي: ضربت في كفها بآلة الخياطة التي تشبه الإبرة الكبيرة، "فادعت على الأخرى"، أي: إنها أصابتها وجرحتها، فأنكرت، قال ابن أبي مليكة: "فكتبت إلى ابن عباس"، أي: راسله في أمر هذه القضية، "فكتب إلي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو يعطى الناس بدعواهم"، أي: بادعائهم وزعمهم، "لادعى رجال أموال قوم ودماءهم، ولكن البينة على المدعي، واليمين على من أنكر"، وبيان ذلك: أنه لو اختصم رجلان، وادعى أحدهما أن له على الآخر مالا، فهذا الرجل المدعي إنما يجب عليه البينة، فإذا لم يأت بالبينة، فإن الرجل الآخر المدعى عليه ليس عليه إلا اليمين، فيحلف على خلاف ما ادعاه عليه المدعي
والحكمة في كون البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه: أن جانب المدعي ضعيف؛ لأنه يقول خلاف الظاهر، فكلف الحجة القوية، وهي البينة، وهي لا تجلب لنفسها نفعا ولا تدفع عنها ضررا، فيقوى بها ضعف المدعي، وجانب المدعى عليه قوي؛ لأن الأصل فراغ ذمته، فاكتفي فيه بحجة ضعيفة، وهي اليمين؛ لأن الحالف يجلب لنفسه النفع ويدفع عنها الضرر، فكان ذلك في غاية الحكمة