مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما373
مسند احمد
حدثنا يزيد، أخبرنا محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا طلاق فيما لا تملكون، ولا عتاق فيما لا تملكون، ولا نذر فيما لا تملكون، ولا نذر في معصية الله "
حَفِظَتِ الشَّريعةُ الإسلاميَّةُ حُقوقَ الأشخاصِ ومِلكِيَّاتِهمُ الشَّخصيَّةَ والمَعنَويَّةَ؛ فَنَهَتْ عن تَصَرُّفِ الإنسانِ فيما لا يَملِكُ مِن أُمورِ غيرِه.
وفي هذا الحَديثِ يُبَيِّنُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعضَ الأُمورِ التي لا تَقَعُ إلَّا إذا كانتْ في مِلكيَّةِ الإنسانِ الماديَّةِ أو المَعنويَّةِ، ولا تَقَعُ مِن غَيرِه مِمَّنْ لا يَملِكُ هذا الحَقَّ، فقالَ: "لا يَجوزُ طَلاقٌ"، لا يَقَعُ الطَّلاقُ مِن أحَدٍ على امرأةٍ أجنَبيَّةٍ وليستْ زَوجتَه، "ولا عِتاقٌ" لا يُعتِقُ رَجُلٌ عَبدًا لِغَيرِه وهو ليس في مِلْكِه، "ولا بَيعٌ"، ولا يَنفُذُ البَيعُ ولا تَترتَّبُ أحكامُه إذا كان البائِعُ لا يَملِكُ السِّلعةَ.
"ولا وَفاءُ نَذرٍ"، والنَّذرُ: هو إيجابُ الإنسانِ على نَفْسِه فِعلًا لِرَبِّه لم يكُنْ واجبًا، والمَعنى: أنَّ الإنسانَ إنْ نَذَرَ شَيئًا ليس له؛ بَلْ هو في مِلْكِ غَيرِه، فلا يَقَعُ نَذرُه على ذلك الشَّيءِ، كَمَن نَذَرَ أنْ يَذبَحَ بَعيرًا وهو لِغيرِه، "فيما لا يَملِكُ"؛ فشَرطُ وُقوعِ هذه الأُمورِ أنْ تَكونَ فيما يَقَعُ تَحتَ مِلكيَّةِ الإنسانِ وتَصَرُّفِه.
وفي الحَديثِ: أهَمِّيَّةُ حِفظِ حُقوقِ الغَيرِ.
وفيه: الحَثُّ على الأمانةِ في البَيعِ والشِّراءِ والمُعامَلاتِ، وعَدَمِ التَّغريرِ بالمُشتَري.
وفيه: أنَّ السِّلعةَ لا بُدَّ أنْ تَكونَ في يَدِ البائِعِ وحَوزَتِه؛ لِيَصِحَّ بَيعُها.