مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه 139
مسند احمد
حدثنا يزيد، أخبرنا المسعودي، حدثني عاصم، عن أبي وائل، قال: قال عبد الله، حيث قتل ابن النواحة: إن هذا وابن أثال، كانا أتيا النبي صلى الله عليه وسلم، رسولين لمسيلمة الكذاب، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتشهدان أني رسول الله؟» قالا: نشهد أن مسيلمة رسول الله فقال: «لو كنت قاتلا رسولا، لضربت أعناقكما» قال: فجرت سنة أن لا يقتل الرسول، فأما ابن أثال، فكفاناه الله عز [ص:241] وجل، وأما هذا، فلم يزل ذلك فيه، حتى أمكن الله منه الآن
في هذا الحديثِ أنَّ حارِثَةَ بنَ مُضرِّبٍ- وهو أحدُ التَّابِعينَ- جاء إلى عَبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رَضِي اللهُ عنه، فسَمِعَه يَقولُ: "ما بَيني وبينَ أحَدٍ مِن العرَبِ حِنَةٌ"، والحِنَةُ هي المُعاداةُ والحِقْدُ، أي: إنَّ الكلامَ الَّذي سأَقولُه ليسَ عن عَداوةٍ شخصيَّةٍ، أو حقدٍ داخليٍّ، ثمَّ قال: "إنِّي مرَرتُ بمَسجدٍ لِبَني حَنيفةَ"، يَعني: الَّذي في الكوفةِ، "فإذا هم يُؤْمِنون بمُسيلِمةَ"، ثمَّ أرسَل إليهِم عبدُ اللهِ رَضِي اللهُ عنه، "فجِيءَ بهِم فاستَتابَهم"، أي: طلَب مِنهمُ الرُّجوعَ إلى الإسلامِ، ففَعَلوا فتَرَكَهم وحَقَن بالتَّوبَةِ دِماءَهم، إلَّا واحدًا مِنهم يُقال له: ابنُ النَّوَّاحةِ؛ كان قد قالَ فيه الرَّسولُ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "لولا أنَّك رسولٌ لقتَلتُك"؛ وذلك لأنَّه قال أمامَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: أشهَدُ أنَّ مُسيلِمةَ رسولُ اللهِ؛ فلذلك قال له عبدُ اللهِ رَضِي اللهُ عنه: "فأنتَ اليومَ لستَ برَسولٍ"، أي: قد زالَتِ العِلَّةُ الَّتي لم يَقتُلْك بها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم، ثمَّ أمَرَ قَرَظَةَ بنَ كعبٍ أن يَقتُلَه، فقتَلَه في السُّوقِ، وقال: "مَن أرادَ أن يَنظُرَ إلى ابنِ النَّوَّاحةِ" فلْيَنظُرْه "قَتيلًا بالسُّوقِ"
وفي الحديثِ: بيانُ فِقهِ ابنِ مَسعودٍ وحُسنِ اتِّباعِه للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم