مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه 149

مسند احمد

مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه 149

حدثنا محمد هو ابن جعفر، حدثنا شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة، عن النزال بن سبرة، عن عبد الله، أنه قال: سمعت رجلا يقرأ آية، وسمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم غيرها، فأتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو عرفت في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الكراهية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلاكما محسن، إن من قبلكم اختلفوا فيه فأهلكهم» [ص:269] قال شعبة: وحدثني مسعر، عنه، ورفعه إلى عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «فلا تختلفوا»

 أَنزَلَ اللهُ تعالَى القرآنَ الكريمَ على وُجوهٍ؛ تَيسيرًا لِقراءتِه على جَميعِ العرَبِ وإعجازًا

وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه سَمِعَ رجُلًا يَقرَأُ آيةً بِوَجهٍ غَيرِ الَّذي سَمِعَها به مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكانت في سُورةِ الأحقافِ، وأخبَرَ كلُّ واحدٍ منهما صاحبَه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أقْرَأه بها، كما في رِوايةِ أحمَدَ، فَأخَذ عبْدُ اللهِ رَضيَ اللهُ عنه الرَّجلَ وأَتى به النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقرَأَ كلٌّ مِنهما عليه، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «كِلاكُما مُحْسِنٌ»، أي: كِلاكُما مُصيبٌ في قِراءتِه، ثُمَّ قال: «لا تَختلِفوا؛ فإنَّ مَن كانَ قبْلَكُمُ اختلَفوا فَهَلَكُوا»، يعني: سَبَّبوا لِأنفسِهم الهَلاكَ؛ لأنَّ اختلافَهم جَرَّهم إلى التَّحريفِ والتَّبديلِ حسَبَ أهْوائِهم، فكان ذلك سَببًا لِخُصوماتِهم ونِزاعِهم وحُلولِ العَذابِ فيهم، وقد حثَّتِ الشَّريعةُ على الأُلفةِ وحذَّرتْ مِنَ الفُرقةِ في الدِّينِ، فكأنَّه قال: اقْرَؤوا القرآنَ، والْزَموا الائتلافَ على ما دلَّ عليه وقادَ إليه، فإذا عرَضَ عارضُ شُبهةٍ تُوجِبُ المُنازَعةَ الدَّاعيةَ إلى الفُرقةِ؛ فاتْرُكُوا تلكَ الشُّبهةَ الدَّاعيةَ إلى الفُرقةِ، وارْجِعوا إلى المُحْكَمِ المُوجِبِ لِلأُلفةِ، واحْذَروا أنْ تَقَعوا في مِثلِ ما وَقَعَت فيه الأُمَمُ السَّابقةُ مِن الاختلافِ المَذمومِ، الَّذي كان سَببًا في هَلاكِهِم. ثمَّ إنَّ الاختلافَ في القُرآنِ غيرُ جائزٍ؛ لأنَّ كلَّ لفْظٍ منه إذا جازَ قِراءتُه على وَجهَين أو أكثَرَ، لو أنْكَرَ إنسانٌ وَجْهًا واحدًا، فقدْ أنْكَرَ القرآنَ، ولا يَجوزُ في القرآنِ القولُ بالرَّأيِ؛ لأنَّ قِراءةَ القرآنِ سُنَّةٌ مُتَّبعةٌ، بلْ عَليهما أنْ يَسأَلا عن ذلك مَن هو أعلَمُ مِنهما

 وفي الحَديثِ: النَّهيُ عنِ الفُرقةِ والاخْتِلافِ