مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه 174
مسند احمد
حدثنا أبو النضر، وحسن بن موسى، قالا: حدثنا شيبان، عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود، قال: أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء، ثم خرج إلى المسجد، فإذا الناس ينتظرون الصلاة، قال: «أما إنه ليس من أهل هذه الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم» ، قال: وأنزل هؤلاء الآيات: ليسوا سواء من أهل الكتاب، حتى بلغ: (وما تفعلوا من خير فلن تكفروه والله عليم بالمتقين)
فرَضَ اللهُ الصَّلاةَ وجَعَلَ لها أوقاتًا مَعلومةً
فقال تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103]، وقد بَيَّنَ جِبريلُ عليه السَّلامُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَواقيتَ الصَّلَواتِ الخَمسِ، فلا بُدَّ أن تُؤَدَّى الصَّلَواتُ في أوقاتِها، وقد بَيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هذه المَواقيتَ للصَّحابةِ بقَولِه وفِعلِه، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يواظِبُ على أداءِ هذه الصَّلَواتِ في أوَّلِ وقتِها، إلَّا بَعضَ الصَّلَواتِ كان يُؤَخِّرُها، ومِن ذلك صَلاةُ العِشاءِ؛ يَقولُ عَبدُ اللَّهِ بنُ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه: أخَّرَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صَلاةَ العِشاءِ، أي: أخَّرَها في لَيلةٍ مِنَ اللَّيالي، ثُمَّ خَرَجَ إلى المَسجِدِ، فإذا النَّاسُ يَنتَظِرونَ الصَّلاةَ، أي: فوجَدَ النَّاسَ جُلوسًا مُنتَظِرينَ لصَلاةِ العِشاءِ مَعَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلَمَّا رَآهم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لهم: أمَا إنَّه ليس مِن أهلِ هذه الأديانِ، أي: اليَهوديَّةِ والنَّصرانيَّةِ، أحَدٌ يَذكُرُ اللهَ هذه السَّاعةَ غَيرُكُم، أي: أنَّه لا يوجَدُ مِن أصحابِ الأديانِ الأُخرى مَن يَذكُرُ اللَّهَ، والمَقصودُ به الصَّلاةُ في هذا الوقتِ، إلَّا أنتُم. وأنزَلَ اللهُ هؤلاء الآياتِ، أي: أنَّ اللَّهَ أنزَلَ هذه الآياتِ تَصديقًا لنَبيِّه؛ حَيثُ مَدَحَ اللَّهُ تعالى فيها مَن آمَنَ به صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنهم دونَ غَيرِهم. {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 113 - 115]. {لَيسوا سَواءً}، أي: ليس أهلُ الكِتابِ كُلُّهم على حَدٍّ سَواءٍ، بَل مِنهمُ المُؤمِنُ، ومِنهمُ المُجرِمُ، {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} أي: لا يَضيعُ عِندَ اللهِ بَل يَجزيهم به أوفَرَ الجَزاءِ. {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالمُتَّقِينَ} [آل عمران: 115]، أي: لا يَخفى عليه عَمَلُ عامِلٍ، ولا يَضيعُ لَدَيه أجرُ مَن أحسَنَ عَمَلًا
وفي الحَديثِ مَشروعيَّةُ تَأخيرِ صَلاةِ العِشاءِ
وفيه حِرصُ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم على صَلاةِ الجَماعةِ مَعَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
وفيه ثَناءُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على الصَّحابةِ
وفيه بَيانُ سَبَبِ نُزولِ هذه الآياتِ