مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه 530
مسند احمد
حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله، قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى وهو مسند ظهره إلى قبة حمراء، قال: «ألم ترضوا أن تكونوا ربع أهل الجنة؟» ، قلنا: بلى، قال: «ألم ترضوا أن تكونوا ثلث أهل الجنة؟» ، قالوا: بلى، قال: «والله إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة، وسأحدثكم عن ذلك، عن قلة المسلمين في الناس يومئذ، ما هم يومئذ في الناس إلا كالشعرة البيضاء في الثور الأسود، أو كالشعرة السوداء في الثور الأبيض، ولن يدخل الجنة إلا نفس مسلمة»
لقَد فضَّل اللهُ سُبحانَه وتعالى أُمَّةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأعلى مَكانتَها، وجعَلَها خَيرَ الأُمَمِ، وأنعَمَ اللهُ تعالَى عليها بأنْ جعَلَها أكثَرَ أهلِ الجنَّةِ
وفي هذا الحديثِ يَحكِي عبْدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيْنَما كان في قُبَّةٍ، وهي خيمةٌ ضُرِبتْ له بمِنًى في حَجَّةِ الوَداعِ في السَّنَةِ العاشِرةِ مِنَ الهِجرةِ، وكانَ الصَّحابةُ رضِي اللهُ عنهم معه -وفي رِوايةِ مُسلِمٍ: أنهم كانوا «نحْوًا مِن أربعينَ رَجُلًا»- فقال لهم ليُبشِّرَهم: «أتَرْضَوْنَ أنْ تَكُونُوا رُبُعَ أهْلِ الجَنَّةِ؟» ثم زادهم في البُشرى، فقال: «أَتَرْضَوْنَ أنْ تَكونوا ثُلُثَ أهلِ الجنَّةِ؟» ثم زادهم في البُشرى أكثَرَ، فقال: قال: «أتَرْضَوْن أنْ تَكونوا شَطْرَ أهلِ الجنَّةِ؟» فلما أجابوه بـ«نعَم» في كلِّ مرَّةٍ، أقسَمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم باللهِ مالِكِ النُّفوسِ وخالِقِها، أنَّه يَرْجو مِنَ اللهِ عزَّ وجلَّ أنْ يَكونوا نِصفَ أهلِ الجنَّةِ، وهذه النِّسبةُ تكونُ مِن أُمَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ممَّن أجابُوه وآمَنوا به، مُقابلَ المُؤمِنين مِن الأُمَمِ السَّابقةِ الذين يَدخُلون الجنَّةَ، وقدْ تَدرَّج معهمْ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لِيَسْتَثِيرَ فَرَحَهم، ثُمَّ بيَّن صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ الجنَّةَ لا يَدخُلُها إلَّا نَفْسٌ مُسلِمةٌ، والمرادُ: كُلُّ من شَهِدَ للهِ بالوَحدانيَّةِ، ولنبيِّه بالرِّسالةِ، وهي مُحرَّمةٌ على الكُفَّارِ، ثُمَّ بيَّن لهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ عدَدَ المسلِمين في أرضِ المحشَرِ بالنِّسبةِ لعدَدِ المُشرِكين كنِسبَةِ شَعْرَةٍ بَيْضاءَ في شَعْرِ جِلْدِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ، أو كشَعْرَةٍ سَوْداءَ في جِلْدِ الثَّوْرِ الأحمرِ، وهذا قَليلٌ جِدًّا
وفي الحَديثِ: كَرامةُ اللهِ تعالَى لهذه الأُمَّةِ ورَحمتُه بها وتَفضيلُه لها على سائرِ الأُممِ
وفيه: أنَّ مَن مات على الكُفرِ لا يَدخُلُ الجنَّةَ أصلًا
وفيه: إخبارُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن بَعضِ الغَيبيَّاتِ