مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه 613

مسند احمد

مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه 613

حدثنا يونس، حدثنا حماد يعني ابن زيد، عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود، قال: لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم حنين بالجعرانة، ازدحموا عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن عبدا من عباد الله بعثه الله إلى قومه فضربوه وشجوه، قال: فجعل يمسح الدم عن جبهته، ويقول: رب اغفر لقومي إنهم لا يعلمون "، قال عبد الله: كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يمسح الدم عن جبهته، يحكي الرجل، ويقول: «رب اغفر لقومي إنهم لا يعلمون»

كان شَأنُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كشَأنِ غالبِ الأنبياءِ عليهم وعلى نبيِّنا الصَّلاةُ والسَّلامُ؛ أُوذوا في سَبيلِ اللهِ، وتَعرَّضوا للتَّكذيبِ مِن قَومِهم، فتَحمَّلوا مِن الإيذاءِ ما كَتَبَه اللهُ عليهم في سَبيلِ القِيامِ بحقِّ الأمانةِ والتَّبليغِ

 وفي هَذا الحديثِ يُخبِرُ عبْدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه رَأى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يَصِفُ حالَ نَبيٍّ مِن الأنبياءِ، وقدْ ضَرَبَه قَومُه حتَّى سالَ منه الدَّمُ مِن ضَرْبِهم، فأخَذَ يَمسَحُ الدَّمَ عن وَجْهِه ويَقولُ: «اللَّهُمَّ اغفِرْ لِقَومي»، يَطلُبُ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ العفْوَ والصَّفحَ عنهم، وعدَمَ مُؤاخَذتِهم بفِعلِهم، وأضافَهُم إليه «قَومي» شَفقةً ورَحمةً بهم، ثمَّ اعتَذَرَ عنهم بجَهْلِهم، فقال: «فهمْ لا يَعلَمون»، وهذا مِن رَأفةِ النَّبيِّ على قَومِه وحُبِّ الخيرِ لهم، وخَشيةً مِن العَقابِ وحُلولِ العَذابِ عليهم جَزاءً لتَعذيبِهم وإيذائِهم نبيًّا مِن أنبياءِ اللهِ. وقدْ وقَعَ لنَبيِّنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِثلُ هذا في غَزوةِ أُحدٍ، وقيل: إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ

 في هذا الحديثِ هو الحاكي والمحْكيُّ عنه، وكأنَّه أُوحِيَ إليه بذلك قبْلَ غَزوةِ أُحدٍ ولم يُعيَّنْ له ذلك، فحَكاهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأصحابِه، فلمَّا وقَعَ تَعيَّنَ أنَّه المَعنيُّ بذلك