‌‌مسند عثمان بن عفان رضي الله عنه 45

‌‌مسند عثمان بن عفان رضي الله عنه 45

حدثنا بشر بن شعيب، حدثني أبي، عن الزهري، حدثني عروة بن الزبير
أن عبيد الله بن عدي بن الخيار أخبره، أن عثمان بن عفان قال له: ابن أخي، أدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: فقلت له: لا، ولكن خلص إلي من علمه (2) واليقين ما يخلص إلى العذراء في سترها. قال: فتشهد، ثم قال: أما بعد، فإن الله عز وجل بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، فكنت ممن استجاب لله ولرسوله، وآمن بما بعث به محمد صلى الله عليه وسلم، ثم هاجرت الهجرتين كما قلت، ونلت صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوالله ما عصيته ولا غششته، حتى توفاه الله عز وجل (3)

كان سَلَفُنا الصَّالحُ من الصَّحابةِ والتَّابِعينَ أحرَصَ النَّاسِ على طاعةِ اللهِ سُبحانَه، والأمرِ بالمَعْروفِ، والنَّهيِ عنِ المُنكَرِ.


وفي هذا الحَديثِ يَحْكي عُبَيدُ اللهِ بنُ عَديِّ بنِ الخِيارِ أنَّه دخَلَ على عُثمانَ بنِ عفَّانَ رَضيَ اللهُ عنه -وكان عُبَيدُ اللهِ ابنَ أُختِ عُثْمانَ بنِ عفَّانَ-، يُكلِّمُه ويَعتِبُ عليه بسبَبِ أخيهِ لأمِّه الوَليدِ بنِ عُقْبةَ بنِ أبي مُعَيطٍ، وكان عُثْمانُ رَضيَ اللهُ عنه وَلَّاه الكوفةَ بعْدَ عَزلِ سَعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ رَضيَ اللهُ عنه، وقدْ تَناقَلَ النَّاسُ أنَّه يَشرَبُ الخَمرَ، ولم يُقِمْ عليه عُثْمانُ رَضيَ اللهُ عنه الحَدَّ بعْدُ -وقدْ جلَدَه عُثْمانُ رَضيَ اللهُ عنه بعْدَ ذلك، وعزَلَه بعْدَ أنْ شُهِدَ عليه بشُربِ الخَمرِ-، فذكَرَ له عُبَيدُ اللهِ بنُ عَديٍّ ذلك، فتَشَهَّدَ عُثْمانُ بنُ عفَّانَ رَضيَ اللهُ عنه، ثمَّ قال: «أمَّا بعدُ، فإنَّ اللهَ بعَث محمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالحقِّ، وكنْتُ ممَّنِ استَجابَ للهِ ولرَسولِه، وآمَن بما بُعِثَ به محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثمَّ هاجَرْتُ هِجرَتَينِ» يَعني: هِجرةَ الحَبَشةِ، وهِجرةَ المَدينةِ، وكان عُثْمانُ رَضيَ اللهُ عنه ممَّن رجَع مِن الحَبَشةِ، فهاجَرَ مِن مكَّةَ إلى المَدينةِ، ومعَه زَوجَتُه رُقيَّةُ بنتُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، «ونِلْتُ صِهرَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ»، أي: كان لي شَرفُ المُصاهَرةِ له، واتِّصالي به بزَواجي ببِنتَيْه: رُقيَّةَ، وأمِّ كُلْثومٍ رَضيَ اللهُ عنهما، «وبايَعْتُه»، وهي المُعاقَدةُ والمُعاهَدةُ، وسُمِّيَت بذلك تَشْبيهًا بالمُعاوَضةِ الماليَّةِ، كأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يَبيعُ ما عندَه مِن صاحِبِه؛ فمِن طرَفِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: وَعْدٌ بالثَّوابِ، ومِن طَرَفِهمُ: التِزامُ الطَّاعةِ، قال: «فواللهِ ما عَصيْتُه» في أمرٍ ولا نَهيٍ، «ولا غشَشْتُه حتَّى تَوفَّاه اللهُ تعالَى»، والغِشُّ هو نَقيضُ النُّصحِ، وتَغْطيةُ الحقِّ، ويُطلَقُ على الخَديعةِ.


وفي الحَديثِ: فَضيلةُ عُثْمانَ بنِ عفَّانَ رَضيَ اللهُ عنه.