مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه 224
حدثنا وكيع، حدثني شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة، عن النزال بن سبرة، أن عليا، لما صلى الظهر دعا بكوز من ماء في الرحبة، فشرب وهو قائم، ثم قال: إن رجالا يكرهون هذا، وإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل كالذي رأيتموني فعلت، ثم تمسح بفضله وقال: " هذا وضوء من لم يحدث " (3)
الذَّبحُ للهِ مِن شَعائرِ الإسلامِ، وما يُقدِّمُه العَبدُ لربِّه يَنبَغي أن يَكونَ قيِّمًا ومُعجِبًا، وخاليًا مِن العُيوبِ الَّتي لا يَرضاها البشَرُ لأنفسِهم فيما يُقدَّمُ إليهم، فكيف بما يُقدَّمُ لوجهِ اللهِ تعالى؟!
في هذا الحَديثِ يُخبِرُ حُجَيَّةُ بنُ عَدِيٍّ عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِي اللهُ عنه أنَّه قال: "البقَرةُ عن سَبعةٍ"، أي: تَكْفي البقرةُ في الأُضحيَّةِ عن سَبعةِ أشخاصٍ، قال حُجيَّةُ: "فإنْ وَلَدَتْ؟"، أي: ما حُكمُ ولَدِها إذا كانت عُشَراءَ تَحمِلُ في بطنِها جَنينًا، وولَدَتْ قبلَ موعِدِ الذَّبحِ؟ قال عليٌّ رَضِي اللهُ عنه: "اذبَحْ ولَدَها معَها"، أي: حُكمُه حُكمُ أمِّه، وهو أنْ يُذبَحَ معَها، قال حُجَيَّةُ: "فالعَرجاءُ"، أي: فما حُكمُ الأُضحيَّةِ الَّتي بها عرَجٌ؟ والعَرجاءُ: هي الَّتي لا تَقْوى على المشيِ باعتِدالٍ بسببِ إصابةِ إحدى قَوائمِها،
فقال عليٌّ رَضِي اللهُ عنه: "إذا بلَغَت المَنسِكَ"، أي: يَجوزُ الأضحيَّةُ بالعَرْجاءِ إن قَوِيَتْ على بلوغِ مَكانِ الذَّبحِ، والمرادُ بالمنسِكِ: مَحِلُّ الذَّبحِ، قال حُجَيَّةُ: "فمَكسورةُ القرنِ؟"، أي: فما حُكمُ الأضحيَّةِ الَّتي بِقَرنِها كسرٌ؟ فقال عليٌّ رَضِي اللهُ عنه: "لا بأسَ"، أي: تَصِحُّ الأُضحيَّةُ وتُجزِئُ.
وقد ورَد النَّهيُ عن التَّضحيَةِ بمَكْسورةِ القَرْنِ الَّتي تُسمَّى عَضْباءَ، وقيَّد بعضُ العُلماءِ ذلك بما إذا كان أكثرُ مِن نِصْفِ قَرنِها مَكسورًا، وظاهِرُ الحديثِ يدُلُّ على أنَّه يجوزُ عندَ عليٍّ رَضِي اللهُ عنه تَضحيةُ المكسورةِ القرنِ مُطلَقًا من غيرِ تقييدٍ بالنِّصفِ أو أقلَّ مِنه أو أكثَرَ.
ثمَّ قال عليٌّ رَضِي اللهُ عنه: "أُمِرنا- أو أمَرَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم- أن نَستَشرِفَ العينَينِ والأُذنَين"، أي: أن نَختَبِرَ سلامةَ العينِ مِن عَمًى أو عوَرٍ، وكذلك يُنظَرُ إلى سَلامةِ الأُذنِ مِن شَقٍّ أو قَطْعٍ؛ فالمرادُ سلامةُ الأُضحيَّةِ مِن نَقصٍ بالعَينِ أو الأذنِ.