مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه 241
حدثنا عبد الله، حدثني زكريا بن يحيى زحمويه، وحدثنا محمد بن بكار، وحدثنا إسماعيل أبو معمر، وسريج بن يونس، قالوا: حدثنا الحسن بن يزيد (1) الأصم، قال: أبو معمر مولى قريش، قال: أخبرني السدي، وقال زحمويه في حديثه: قال: سمعت السدي، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي، قال: لما توفي أبو طالب أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: إن عمك الشيخ قد مات. قال: " اذهب فواره ولا تحدث من أمره شيئا حتى تأتيني " فواريته ثم أتيته. فقال: " اذهب فاغتسل ولا تحدث شيئا حتى تأتيني " فاغتسلت ثم أتيته، فدعا لي بدعوات ما يسرني بهن حمر النعم وسودها (2) وقال ابن بكار في حديثه: قال السدى: " وكان علي: رضي الله عنه إذا غسل ميتا اغتسل "
كان أبو طالِبٍ عَمُّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قد مات كافِرًا، وفي مَوتِه يُخبِرُ عليُّ بنُ أبي طالِبٍ رَضِي اللهُ عَنه: "قلتُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: إنَّ عَمَّكَ"، يُريدُ: أبا طالِبٍ،
"الشَّيخَ الضَّالَّ"، أي: لكوْنِه كان كافِرًا،
"قد ماتَ"، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لعلِيٍّ: "اذهَبْ فوَارِ أباكَ"، أي: ادفِنْه،
"ثمَّ لا تُحْدِثَنَّ شيئًا"، أي: لا تَفعَلْ شيئًا عقِبَ دَفْنِك له،
"حتَّى تأتِيَني"، أي: لِأقولَ لكَ ما الَّذي ستَفعَلُه،
قال علِيٌّ: "فذَهَبتُ فوارَيْتُه"، أي: دفَنتُه،
"وجئْتُه"، أي: إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم؛ "فأمَرَني فاغتسَلْتُ"، أي: كغُسْلِ الجَنابَةِ لِمُورَاتِه ودَفْنِه لأبِيهِ،
"ودعا لي"، أي: جعَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَدعو لعلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ؛ مواساةً له وتَطيِيبًا لخاطِرِه.
قيل: إنَّ هذا الاغتسالَ مبنيٌّ على أنَّه غَسَّلَه، وأنَّ مَن يُغسِّلُ الميتَ ينبَغي له أن يَغتسِلَ، ويَحتمِلُ أن يختَصَّ ذلك بالكافرِ؛ لقولِه تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28]،
وقيل: إنَّ هذا الاغتِسالَ مِن دَفنِه، لا مِن غُسلِه؛ فيكونُ مَخصوصًا بالكافرِ لِنَجاستِه.
لكنَّ الأحاديثَ تَقْتضي العمومَ.