مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه 249
حدثنا علي بن عاصم، أخبرنا عاصم بن كليب الجرمى، عن أبي بردة بن أبي موسى، قال: كنت جالسا مع أبي فجاء علي، فقام علينا فسلم، ثم أمر أبا موسى بأمور من أمور الناس، قال: ثم قال علي: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سل الله الهدى وأنت تعني بذلك هداية الطريق، واسأل الله السداد وأنت تعني بذلك تسديدك السهم "، " ونهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أجعل خاتمي في هذه أو هذه: السبابة والوسطى " قال: فكان قائما فما أدري في أيتهما؟
قال: " ونهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الميثرة، وعن القسية "،
الذَّبحُ للهِ تَعالى مِن شَعائرِ الإسلامِ، ويَنبَغي أنْ يكونَ ما يُقدِّمُه العَبدُ لِربِّه خاليًا مِن العُيوبِ الَّتي لا يَرضاها البَشَرُ لأنفُسِهم فيما يُقدَّمُ إليهم؛ فكيف بما يُقدَّمُ لِوَجهِ اللهِ تَعالى؟!وقد أوْضَحَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذلِك، كما في هذا الحَديثِ، حيثُ يذكُرُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهى عن عَضْباءِ الأُذنِ والقَرنِ"، يعني نهَى عنِ التَّضحيةِ بذَبيحةٍ فيها عيبٌ ظاهرٌ، وفيه أمْرٌ بأنْ تكونَ الذبيحةُ التي تُذبَحُ للهِ صَحيحةً وسالِمةً من العُيوبِ؛ فعَضْباءُ الأُذنِ هي المَقْطوعةُ أُذنُها، وعَضْباءُ القَرنِ، هي المَكسورُ قَرنُها. قال قَتادةُ بنُ دِعامةَ مِن رُواةِ الحَديثِ: "فسأَلْتُ سَعيدَ بنَ المُسيِّبِ" -وهو مِن فُقهاءِ المدينةِ السَّبعةِ المَشهورِينَ بالعِلمِ والفَضلِ والإمامةِ في الدِّينِ- عن الحَدِّ الذي لا يَصِحُّ معَه التَّضحيةُ بالحَيوانِ، فقال سَعيدٌ: "النِّصفُ فما فوقَ ذلك"، فإذا كان نِصفُ أُذنِها مَقطوعًا، أو نصفُ قَرنِها مَكسورًا، فلا يُضَحَّى بها، بل تُترَكُ، وتُجلَبُ سَليمةً كاملةَ الخِلقةِ. وهذا بخِلافِ الَّتي لا أُذُنَ لها ولا قَرنَ خِلْقةً؛ فإنَّها تكونُ مع ذلك كامِلةَ الخِلْقةِ، أمَّا ما قُطِعَت أُذُنُها أو كُسِرَ قَرنُها بسببِ المَرضِ، أو التناطُحِ، أو بتَدخُّلِ الإنسانِ لوَسمِ الحَيواناتِ وتَعليمِها؛ فلا يُضَحَّى بها.