مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه 121
حدثنا عبد الرحمن، حدثنا مالك، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، قال:
قال عمر: إن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم، وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل عليه آية الرجم، فقرأنا بها، وعقلناها، ووعيناها، فأخشى أن يطول بالناس عهد، فيقولوا: إنا لا نجد آية الرجم، فتترك فريضة أنزلها الله، وإن الرجم في كتاب الله تعالى حق على من زنى إذا أحصن (2) من الرجال والنساء إذا قامت البينة، أو كان الحبل، أو الاعتراف (3)
كان فيما أُنزلَ مِنَ القُرآنِ: (والشَّيْخُ وَالشَّيخةُ إذا زَنَيَا فارْجُموهما الْبتَّةَ نَكالًا مِن اللهِ)، ثم نُسِختْ هذه الآيةُ ورُفِعتَ تِلاوتُها، ولكنْ بقِيَ حُكمُها مَعمولًا به، وقدْ ثَبَتَ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه أقامَ حدَّ الرَّجمِ
وفي هذا الحديثِ يُحذِّرُ عُمرُ بنُ الخطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه مِنْ أنْ يَأتِيَ أحدٌ بعْدَ مرورِ الأزمِنَةِ وتباعُدِ الأجيالِ عن زَمَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وزَمَنِ أصحابِه، فيقولَ: إنَّ الرَّجمَ -وهو الرَّميُ بالحِجارةِ على من ثبت عليه الزِّنا وهو متزوِّجٌ، أو سبق له الزَّواجُ- ليْسَ مَوجودًا في كتابِ اللهِ تعالَى، فيكون ذلك سَببًا في ضَلالِه؛ لأنَّه بذلكَ يكونُ قدْ ترَكَ فَريضةً فرَضَها اللهُ
، وثَبَتَتْ بِسنَّةِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فقدْ فَعَلَها النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وفعَلَها الصَّحابةُ رِضوانُ اللهِ عليهم مِن بعْدِه، ثمَّ يُبيِّنُ عُمرُ رضِيَ اللهُ عنه أنَّ حُكمَ الزِّنا يَثبُتُ على المُحصَنِ -
وهو المتزوِّج- بِالبينِّةِ،وهي شَهادةُ الشُّهودِ، أو بِظُهورِ الحبَلِ على المرأةِ المَزنِيِّ بها وهي غيْرُ متزوِّجةٍ،
مع انتفاءِ الشُّبهةِ أو بِاعترافِ مُرتكِبِ الزِّنا،
ثمَّ قال عُمَرُ: «ألَا وقدْ رَجمَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ورجمْنَا بعْدَه»،
وهو تأكيدٌ مرَّةً أُخرى على حَدِّ الرَّجْمِ.