‌‌مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه 164

‌‌مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه 164

حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن إبراهيم بن عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة:
أن عمر قبله والتزمه، ثم قال: رأيت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم بك حفيا - يعني الحجر - (1)

الحجر الأسود حجر كريم، أنزله الله سبحانه وتعالى من الجنة، فكان يقبله النبي صلى الله عليه وسلم؛ واتباعا لهديه نقبله ونستلمه ونشير إليه، وإن كان حجرا لا يضر ولا ينفع.


وفي هذا الحديث بيان لتسليم الصحابة وشدة إيمانهم؛ بأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقبل الحجر الأسود، وهو الموجود في البيت الحرام، ومكانه في الركن الجنوبي الشرقي للكعبة المشرفة من الخارج، وهو في غطاء من الفضة في أيامنا هذه. وقد أوضح عمر رضي الله عنه أن سبب تقبيله لهذا الحجر رؤيته النبي صلى الله عليه وسلم يقبله، ولولا ذلك ما قبله عمر رضي الله عنه؛ لعلمه أنه حجر لا يضر ولا ينفع بذاته، وإنما النفع بالثواب الذي يحصل بامتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم، والاستنان بتقبيله.

وقيل: إنما قال عمر ذلك؛ لأن الناس كانوا حديثي عهد بعبادة الأصنام، فخشي أن يظن الجهال أن استلام الحجر هو مثل ما كانت العرب تفعله في الجاهلية، فأراد أن يعلمهم أن استلام الحجر لا يقصد به إلا تعظيم الله تعالى، والوقوف عند أمر نبيه عليه الصلاة والسلام، وأن ذلك من شعائر الحج.


وهذا لأجل أن الله تعالى فضل بعض الأحجار على بعض، وبعض البقاع على بعض، وبعض الليالي والأيام على بعض، وإنما شرع تقبيل الحجر إكراما وإعظاما لحقه.


وفي الحديث: قاعدة عظيمة في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم فيما يفعله، ولو لم تعلم الحكمة فيه.
وفيه: مشروعية تقبيل الحجر الأسود، والإشارة إلى النهي عن تقبيل ما لم يرد الشرع بتقبيله من الأحجار وغيرها.
وفيه: بيان السنن بالقول والفعل.