مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه 49
حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة أن عمر بن الخطاب قال: سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان، فقرأ فيها حروفا لم يكن نبي الله أقرأنيها، قال: فأردت أن أساوره (1) وأنا في الصلاة، فلما فرغ، قلت: من أقرأك هذه القراءة؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: كذبت، والله ما هكذا أقرأك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذت بيده أقوده، فانطلقت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إنك أقرأتني سورة الفرقان، وإني سمعت هذا يقرأ فيها حروفا لم تكن أقرأتنيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اقرأ يا هشام " فقرأ كما كان قرأ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هكذا أنزلت "، ثم قال: " اقرأ يا عمر " فقرأت، فقال: " هكذا أنزلت "، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن القرآن أنزل (2) على سبعة أحرف " (3)
قَوْلُهُ: "حُرُوفًا" : أَيْ: لُغَاتٍ مِنْ لُغَاتِ الْعَرَبِ غَيْرِ لُغَةِ قُرَيْشٍ; كَالتَّابُوهِ مَوْضِعَ التَّابُوتِ مَثَلًا.
"أَنَّ أُسَاوِرَهُ" : أَيْ: أُوَاثِبَهُ وَأُقَاتِلَهُ.
"كَذَبْتَ، وَاللَّهِ حَلَفَ عَلَى وَفْقِ مَا بَطَنَ، فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ.
"عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ" أَيْ: عَلَى سَبْعِ لُغَاتٍ مِنْ لُغَاتِ الْعَرَبِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَقْرَأَ الْقَارِئُ عَلَى أَيِّ لُغَةٍ
تُسَهِّلُ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةَ عَلَى تِلْكَ اللُّغَةِ، وَكَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ،
وَقَدْ فَسَّرُوا الْحُرُوفَ السَّبْعَةَ بِوُجُوهٍ أُخَرَ، لَكِنْ مَا ذَكَرْنَا أَوْفَقُ بِالْأَحَادِيثِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.