مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه 53
حدثنا سفيان، عن الزهري، سمع أبا عبيد، قال:
شهدت العيد مع عمر، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام هذين اليومين، أما يوم الفطر ففطركم من صومكم (1) ، وأما يوم الأضحى فكلوا من لحم نسككم (2)
شُرِعَتِ الخُطبةُ في الجُمَعِ والأعيادِ والمناسباتِ؛ لحِكَمٍ كثيرةٍ، منها أن يَتعلَّمَ النَّاسُ منها أمورَ دِينهم ودُنياهم، فإذا ما صَعِد الإمامُ المِنبرَ جعَل غايتَه تعليمَ النَّاسِ، وإفهامَهم، وخاصَّةً ما يقعُ مِن مناسباتٍ شرعيَّةٍ تُصادِفُ تلك الخُطبةَ
وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو عُبيدٍ مولى عبدِ الرَّحمنِ بنِ عوفٍ: "شهِدْتُ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ في يومِ النَّحرِ"؛ وسُمِّي بيومِ النَّحرِ لأنَّ الحُجَّاجَ يَنحَرون فيه هداياهُم، وهو اليومُ العاشرُ مِن ذي الحجَّةِ، وهو يومُ عيدِ الأضحى للمُسلِمين، "بدَأ بالصَّلاةِ قبل الخُطبةِ"، أي: صلَّى عمرُ بالنَّاسِ صلاةَ العيدِ، ثمَّ قام خطَب خُطبةَ العيدِ
"ثمَّ قال"، أي: عمرُ رضِيَ اللهُ عنه في خُطبتِه: "سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَنهى عن صومِ هذينِ اليومينِ"، أي: يومِ عيدِ الفِطرِ، ويومِ عيدِ الأضحى
"أمَّا يومُ الفِطرِ"، أي: علَّةُ عدمِ صومِه، وهو اليومُ الأوَّلُ مِن شهرِ شوَّالٍ
"ففِطْرُكم مِن صومِكم"، أي: فيه أوَّلُ أيَّامِ فِطرِكم بعد صيامِكم لشهرِ رمَضانَ،
"وعيدٌ للمسلِمينَ"، أي: فهو عيدٌ للمسلِمين، وفرحتُهم، وتلك علَّةٌ أخرى لعدمِ صومِه
"وأمَّا يومُ الأضحى"، أي: وعلَّةُ عدمِ صيامِ ذلك اليومِ، وهو يومُ العاشرِ مِن ذي الحجَّةِ
فكُلُوا مِن لحومِ نُسُكِكم، أي: فكلُوا مِن لحمِ الأضحيَّةِ، ولو كان يَومَ صومٍ لم يأكُلِ المسلِمُ مِن أُضحيَّةِ ذلك اليومِ بعد ذَبحِها مُباشرةً، وقيل: إنَّ فِطرَهما شَرْعٌ غيرُ مُعلَّلٍ
وفي أمرِ عُمَرَ رَضِي اللهُ تَعالى عَنه بالأكْلِ مِن لحمِ النُّسُكِ إشارةٌ إلى مَشروعيَّةِ الأكلِ مِن الأُضحيَّةِ