‌‌مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه 55

‌‌مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه 55

حدثنا سفيان، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، يحدث
عن عمر، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم - وقال سفيان مرة: عن النبي صلى الله عليه وسلم - قال: " تابعوا بين الحج والعمرة، فإن متابعة بينهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير الخبث " (1)

ما مِن عَملٍ يُخلِصُه العبدُ للهِ لا يَشوبُه شائبةٌ إلَّا كان أجرُه عندَ اللهِ عظيمًا.
وفي هذا الحديثِ يقولُ عَبدُ اللَّهِ بنُ مسعودٍ رضي اللهُ عنه: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:

"تابِعوا بينَ الحَجِّ والعُمرةِأيِ: اجعَلوا أحدَهُما تابِعًا للآخَرِ واقعًا على عَقِبِه، أي: إذا حَجَجتُم فاعتَمِروا، وإذا اعتَمَرْتُم فحُجُّوا؛ فإنَّهما مُتتابعانِ، وقيل: يَحتمِلُ أنْ يُرادَ إتْباعُ أحدِهما الآخَرَ، ولو تَخلَّل بينهما زمانٌ، بحيثُ يَظهرُ مع ذلك الاهتِمامُ بِهما، ويُطلَقُ عليه عُرْفًا أنَّه رَدِفَه، وتَبِعَه. وهذا الاحتِمالُ أظهَرُ؛ إذِ القَصدُ الاهتمامُ بِهما، وعدمُ الإهمالِ، فيَكونُ الأمرُ بالمُتابعةِ بينهُما للإرشادِ؛ "فإنَّهما يَنفيانِ الفَقرَ والذُّنوبَ، أي: فإنَّ المُتابعةَ بين الحَجِّ والعُمرةِ سَببٌ في زوالِ الفَقرِ،

وسببٌ لغُفرانِ الذُّنوبِ، ومحوِها "كما يَنفي الكِيرُ خَبَثَ الحديدِ والذَّهبِ والفضَّةِأي: بمثلِ ما يُستخدَمُ الكيرُ في إزالةِ ونَزْعِ الشَّوائبِ العالقةِ بأصلِ المعادنِ وتَنقيتِها،

والكِيرُ: ما يَنفُخُ به الحَدَّادُ في النَّارِ. قيل: إنَّ أعمالَ الحجِّ والعُمرةِ منَ الطَّاعاتِ إنَّما تُكفِّرُ الصَّغائرَ؛ فأمَّا الكبائرُ فإنَّما تُكفَّرُ بِالتَّوْبَةِ أو رَحْمَةِ اللهِ وفَضلِه، ولكنَّ هذه الطاعاتِ رُبَّما أثَّرتْ في القَلبِ فأورَثَت توبةً تُكفِّرُ كلَّ خَطيئةٍ.
"وليس للحَجِّ المبرورِ" والمبرورُ مُشتَقٌّ مِن البِرِّ،

وهو بمعنى: المَقبولِ وهو الَّذي لا يُخالِطُه إثمٌ،

"ثوابٌ دونَ الجنَّةِأي: أنَّه لا يُقتصَرُ لصاحبِه مِن الجَزاءِ على تَكفيرِ بَعضِ ذُنوبِه،

بل لا بُدَّ أن يدخُلَ الجنَّةَ.


وفي الحديث: بيانُ فَضلِ المتابعَةِ بين الحجِّ والعُمرةِ.