مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه 82
حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون عن عمر بن الخطاب، قال: كان المشركون لا يفيضون من جمع حتى تشرق الشمس على ثبير، فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم، فأفاض قبل أن تطلع الشمس (1)
مُخالفةُ المشرِكينَ مَطْلَبٌ شَرْعيٌّ، وقَدْ كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَحرِصُ عليه، وسارَ على نَهْجِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في ذلك أصحابُه رَضيَ اللهُ عنهم أجمعين
وفي هذا الحديثِ يَروي التابعيُّ عَمرُو بنُ مَيمونٍ، أنَّه شَهِدَ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه وهو في الحجِّ قدْ صلَّى الفجْرَ بجَمْعٍ -يعني بالمُزدلِفةِ، والمُزدلِفةُ: اسمٌ للمكانِ الذي يَنزِلُ فيه الحجيجُ بعْدَ الإفاضةِ مِن عَرَفاتٍ، ويَبيتونَ فيه لَيلةَ العاشرِ مِن ذي الحِجَّةِ، وفيه المَشعَرُ الحرامُ،
وتَبعُدُ عن عَرَفةَ حوالي (12 كم)، وهي بجِوارِ مَشعَرِ مِنًى، وسُمِّيَت المُزدلِفةُ (جَمْعًا) لأنَّها يُجمَعُ فيها بيْن الصَّلاتينِ المغربِ والعِشاءِ،
وقيل: وُصِفَت بفِعلِ أهْلِها؛ لأنَّهم يَجتمِعون بها ويَزدَلِفون إلى اللهِ؛ أي: يَتقرَّبون إليه بالوقوفِ فيها، وقيلَ غيرُ ذلك.
ثمّ بيَّنَ عُمَرُ رَضيَ اللهُ عنه للناسِ أنَّ المشرِكينَ كانوا لا يَدفَعونَ مِن المُزدلِفةِ إلى مِنًى حتَّى تَطلُعَ الشَّمسُ، ويَقولون: أَشْرِقْ ثَبيرُ، وهو اسمٌ لجَبَلٍ بالمزدَلِفَةِ على يَسارِ الذاهبِ إلى مِنًى ويَمينِ الذاهبِ إلى عَرَفاتٍ، والمعْنى: لِتَطْلُعْ عليك الشَّمسُ يا ثَبيرُ حتَّى نُفيضَ مِن مُزدلِفةَ إلى مِنًى،
وإنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خالَفَهم في ذلك ولَمْ يَنتظِرْ طُلوعَ الشَّمسِ،
وأَفاضَ حِين أسْفَرَ الصُّبحُ وظَهَرَ نُورُ النَّهارِ، ولكنْ قبْلَ أنْ تَطلُعَ الشَّمسُ.
وفي الحديثِ: أنَّ وقْتَ الدَّفعِ مِن مُزدلِفةَ إلى مِنًى يكونُ مع إسفارِ الصُّبحِ.