نوع اخر من الصلاه علي النبي صلي الله عليه وسلم 6
سنن النسائي
أخبرنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي، في حديثه، عن أبيه، عن عثمان بن حكيم، عن خالد بن سلمة، عن موسى بن طلحة، قال: سألت زيد بن خارجة قال: أنا سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " صلوا علي واجتهدوا في الدعاء، وقولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد "
للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مكانةٌ عَظيمةٌ عندَ اللهِ سبحانه وتعالى، وقد رَفَع له ذِكرَه وقرَن اسْمَه معَ اسْمِه في شهادَتَيِ التَّوحيدِ، وصلَّى عليه اللهُ والملائكةُ، وقد أمَرَنا بالصَّلاةِ عليه، وجعَل لذلك فضلًا كبيرًا، ورتَّب عليه أجرًا عظيمًا
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ زَيدُ بنُ خارِجةَ رضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال: "صَلُّوا علَيَّ"، أي: ادْعُوا لي، "واجتَهِدوا في الدُّعاءِ"، أي: بالِغوا في الدُّعاءِ بالصَّلاةِ عليه، ويَحتمِلُ أنَّه يُريدُ المبالغةَ في الدُّعاءِ بعدَ الصَّلاةِ عليه؛ لأنَّها مِفتاحُ كلِّ دعاءٍ، ويُؤيِّدُ الأوَّلَ قولُه: "وقولوا: اللَّهم صلِّ على محمَّدٍ، وعلى آلِ محمَّدٍ" وهذا تفسيرٌ للأمرِ بالصَّلاةِ عليه والدُّعاءِ له، وبَيانٌ لكيفيَّتِها. وفي روايةٍ عند أحمدَ: "صلُّوا واجتَهِدوا، ثم قولُوا: اللهمَّ بارِكْ على مُحمَّدٍ وعلى آل مُحمَّدٍ، كما باركتَ على إبراهيمَ؛ إنَّك حميدٌ مجيدٌ"، وهذا تَفسيرٌ للاجتهادِ والمبالغةِ في الصَّلاةِ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، والبرَكةُ هي الزِّيادةُ، أي: وزِدْه تَشريفًا وتكريمًا وتَعظيمًا، ويُمكِنُ أنْ تكونَ المبالغةُ بأنْ يَجعَلَ المسلِمُ دُعاءَه كلَّه صَلاةً وتَسليمًا على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، كما قال لِمَن سأَله عن ذلك: "يا رسولَ اللهِ، إنِّي أُكْثِرُ الصَّلاةَ؛ فما أجعَلُ لك مِن صَلاتي؟ قال: ما شِئتَ، قال: الثُّلثَ؟ قال: ما شِئتَ، وإن زِدْتَ فهو خيرٌ"، إلى أنْ قال: "أجعَلُ لك كلَّ صَلاتي؟ قال: إذًا تُكْفى همَّك"، وهذا أخرجَه الترمذيُّ
والصَّلاةُ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مِن أفضَلِ القُرباتِ الَّتي تَرفَعُ الدَّرجاتِ؛ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال– كما عِندَ مُسلِمٍ-: "مَن صلَّى علَيَّ صلاةً صلَّى اللهُ عليه بها عَشرًا"، وهذا دُعاءٌ مِنه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لِمَن صلَّى عليه بأنْ يُصلِّيَ اللهُ عليه، أي: يُثني عليه في الملأِ الأعْلَى، وقيل: يَرْحَمَه، وكَفى بذلك شَرفًا. وآلُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: هم بَنو هاشمٍ، وبَنو عبدِ المطَّلِبِ، وفي حديثِ زيدِ بنِ أرقَمَ عند مُسلمٍ: بعدَ أنْ حثَّ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم على كِتابِ اللهِ ورغَّبَ فيه، ثم قال: «وأهلُ بيتي أُذكِّرُكم اللهَ في أهلِ بيتي، أُذكِّرُكم الله في أهلِ بيتي، أُذكِّرُكم الله في أهلِ بيتي»، فقال له حُصينٌ: ومَن أهلُ بيتِه يا زيدُ؛ أليس نِساؤه من أهلِ بيتِه؟ قال: نِساؤُه من أهلِ بيتِه، ولكنْ أهلُ بيتِه مَن حُرِمَ الصدقةَ بعدَه، قال: ومَن هم؟ قال: هم آلُ عليٍّ، وآلُ عَقيل، وآلُ جعفرٍ، وآلُ عبَّاسٍ؛ قال: كلُّ هؤلاءِ حُرِمَ الصدقةَ؟ قال: نعَمْ"، وتَفسيرُ الصَّحابيِّ يُقدَّمُ على غَيرِه
وفي الحديثِ: الحثُّ على الصَّلاةِ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم؛ فإنَّها مِفْتاحٌ للدُّعاءِ الجالبِ لرحمةِ اللهِ