وصل الشعر بالخرق 1
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا خالد، عن هشام، قال: حدثنا قتادة، عن سعيد بن المسيب، أن معاوية قال: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الزور»
مِن طَبْعِ النِّساءِ وما فُطِرْنَ عليه حُبُّ التَّزيُّنِ والتَّجمُّلِ، والإسلامُ لا يَمنَعُ مِن ذلك، بَيْدَ أنَّه نَهى عن بَعضِ صُوَرٍ مِن التَّزيُّنِ والتَّجمُّلِ فيها غِشٌّ وتَدْليسٌ، أو فيها تَغييرٌ لِخَلْقِ اللهِ، وأهْلُ الإيمانِ يَبتعِدون عن كلِّ ما يُغضِبُ اللهَ تَعالَى، ويَجْتنِبون نَواهِيهَ
وفي هذا الحديثِ يَرْوي التَّابعيُّ سَعيدُ بنُ المسيِّبِ أنَّ مُعاوِيةَ بنَ أبي سُفيانَ رَضيَ اللهُ عنهما خطَبَ النَّاسَ ذاتَ يومٍ، كما في رِوايةٍ أُخرى في الصَّحيحينِ، وقال: «إنَّكُم قد أحْدثْتُم زِيَّ سوءٍ»، أي: صَنعْتُمْ شيئًا جديدًا سَيِّئًا لم يَكُنْ موجودًا في المسلمين من قبلُ، «وإنَّ نبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نهى عَنِ الزُّورِ» والزُّورُ هو الكَذِبُ والباطِلُ، والتَّمِويهُ بما ليس بِصَحيحٍ، ثمَّ جاءَ رجلٌ مِن حَرسِ مُعاويةَ رَضيَ اللهُ عنه بِعَصًا عليها قِطعةٌ مِنَ القُماشِ، الَّذي تَستخْدِمُه النِّساءُ تحت شُعُورِهِنَّ، قال معاوية: «أَلَا وهذا الزُّورُ»، أي: هذا باطلٌ، يُخالفُ دِينَ اللهِ، داخِلٌ في معنى الزُّور الَّذي نهى عنه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، يَعني ما يُكثِرُ به النِّساء أشعارَهُنَّ من الخِرَقِ، والخِرْقَةُ القِطْعةُ مِنَ الثَّوبِ، وتُوهِمُ أنَّ ذلِكَ مِن شَعَرِها، أو أنَّ شَعَرَها أطولُ ممَّا هوَ عليهِ، وهذا كلُّه مِن بابِ الكَذِبِ والزُّورِ والتَّجمُّلِ بتَغييرِ الخِلقةِ، وفيهِ احتِيالٌ على النَّاسِ
وفي الحديثِ: النَّهيُ عن وصْلِ الشَّعرِ بما يُوهِمُ طولَه ويُغيِّرُ حقيقتَه
وفيه: أنَّ مِن العاداتِ ما يَتغافَلُ عنه النَّاسُ رغمَ مُعارضتِه للشَّرعِ؛ فعلى الإمامِ والحاكمِ تَنبيهُ رعيَّتِه، وتَحذيرُهم مِن ذلك