أذان الراعي
سنن النسائي
أخبرنا إسحاق بن منصور قال: أنبأنا عبد الرحمن، عن شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن عبد الله بن ربيعة: أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فسمع صوت رجل يؤذن فقال مثل قوله ثم قال إن هذا لراعى غنم أو عازب عن أهله فنظروا فإذا هو راعي غنم
في هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ ربيعةَ الأَسْلَمِيُّ رَضِي اللهُ عَنه: "أنَّه كان مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في سفَرٍ، فسمِعَ صوتَ رجُلٍ يُؤذِّنُ، فقال مِثْلَ قولِه"، أي: أعاد النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم الأَذانَ مُتابِعًا المُؤذِّنَ في ندائِه، وفي روايةٍ: "فسمِعَ مُؤذِّنًا يقولُ: أشهَدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: أشهَدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ، قال: أشهَدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: أشهَدُ أنِّي محمَّدٌ رسولُ اللهِ"
"ثمَّ قال"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إنَّ هذا لراعِي غَنَمٍ أو عازبٌ عن أهلِه"، أي: بعيدٌ عن أهلِه، والمرادُ: أنَّهم ترَكوه مُنفرِدًا، "فنظَروا"، أي: مَن معه مِن الصَّحابةِ رَضِي اللهُ عَنهم، "فإذا هو راعي غَنَمٍ"، أي: بمِثلِ ما أخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عنه
وفي روايةٍ مُتمِّمةٍ لهذا الحديثِ، قال: "فلمَّا هبَط الواديَ، قال: مرَّ على سَخْلةٍ منبوذةٍ"، أي: شاةٍ ميِّتةٍ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "أترَوْنَ هذه هيِّنةً على أهلِها؟! لَلدُّنيا أهونُ على اللهِ مِن هذه على أهلِها"، أي: كذلكَ الدُّنيا؛ فهي أقَلُّ وأحقَرُ عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ مِن تلكَ السَّخلةِ الميِّتةِ عند أصحابِها حينَ رمَوْها، وقد حذَّر الشَّرعُ مِن أن يَستغرِقَ المُسلِمُ في متاعِ الدُّنيا وشهواتِها؛ فقد خلَق اللهُ الدُّنيا ولم يجعَلْ لها وَزْنًا، وجعَلَها هيِّنةً عِندَه، كما قال تعالى: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران: 185]