إباحة الطيب عند الإحرام 2
سنن النسائي
أخبرنا قتيبة بن سعيد، عن مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، قالت: «طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه، قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت»
لقدْ بَيَّنَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحكامَ الحَجِّ والعُمرةِ، وسُننَهما، وآدابَهما بالقَولِ والفِعلِ، ونقَلَ الصَّحابةُ ما سَمِعوه وما رَأوْه مِنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في ذلك، وقد كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحِبُّ الطِّيبَ، ويَستكثِرُ منه في كلِّ حالٍ، وهو مِن الأُمورِ التي حُبِّبَت إليه مِن الدُّنيا
وفي هذا الحَديثِ تروي عائشةُ أمُّ المؤمنينَ رَضيَ اللهُ عنها أنَّها وَضَعَت الطِّيبَ بيَدَيْها على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حين أحرَم، أي: حِينَ أرادَ الإحرامَ، فطَيَّبتْه قبْلَ أنْ يُحرِمَ، وبعْدَ أنْ تَحلَّلَ مِن إحرامِهِ في الحَجِّ قبْلَ أنْ يَطوفَ طَوافَ الإفاضةِ، والمرادُ به التَّحلُّلُ الأوَّلُ الذي بعْدَ رَمْيِ جَمرةِ العَقبةِ والحَلْقِ أو التَّقصيرِ
قال رَاوي الحديثِ -واصفًا فِعْلَ عائِشةَ رَضيَ اللهُ عنها-: «وبَسَطَتْ يَدَيْها» كأنَّها تُحاكي ما فَعَلَتْ مِن قبْلُ بالفِعلِ معَ القولِ. وقيل: فعلَتْ ذلِك مُبالَغةً في الوُقوعِ، ردًّا على مَن أنْكَرَ ذلك؛ فإنَّ ابنَ عُمَرَ كان يُنكِرُ التَّطيُّبَ قبْلَ الإحرامِ
وفي الحَديثِ: أنَّ الطِّيبَ مِن مَحظوراتِ الإحرامِ، ولكنَّه مشروعٌ قبْلَ الإحرامِ حتى لو بقِيَ أثَرُه بَعدَ الإحرامِ