البناء في شوال
سنن النسائي
أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: أنبأنا وكيع، قال: حدثنا سفيان، عن إسمعيل بن أمية، عن عبد الله بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: «تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال، وأدخلت عليه في شوال، فأي نسائه كان أحظى عنده مني؟»
نقَل لنا الصَّحابةُ هَدْيَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في أمورِ الزَّواجِ وغيرِه، وقد نقَلَتْ أمُّ المؤمِنين عائِشةُ رَضِي اللهُ عنها ما حدَث معَها في أمْرِ زواجِها وبِناءِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بها
كما في هذا الحديثِ، حيث قالت: "تزَوَّجَني النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في شوَّالٍ"، أي: عقَد علَيَّ في شهرِ شوَّالٍ، "وبَنى بي في شوَّالٍ"، والبناءُ هو الزِّفافُ والدُّخولُ بالزَّوجةِ ومُعاشَرتُها ووَطْؤُها، "فأيُّ نِسائِه كان أَحْظى عِندَه منِّي!"، أي: أقرَبَ إليه وأسْعَدَ به، أو أكثَرَ نَصيبًا! فكان ذلك مِن حُسنِ حَظِّها؛ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم دخَل بها في شهرِ شوَّالٍ بعدَ انتهاءِ شهرِ رمَضانَ، الَّذي كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَنقطِعُ عن نِسائِه في آخِرِه، وبهذا يكونُ الزَّوجُ مُشتاقًا لزَوجتِه، "وكانت عائشةُ تَستحِبُّ أن تُدْخِلَ نِساءَها"، أي: نساءَ قومِها على أزواجِهنَّ، "في شوَّالٍ"، أي: تَبرُّكًا بما حصَل لها فيه مِن الخيرِ برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم
وقصَدَت عائشةُ بهذا الكلامِ رَدَّ ما كانت أحوالُ الجاهليَّةِ عليه، وما يتَخيَّلُه البعضُ مِن كَراهةِ التَّزوُّجِ والتَّزويجِ والدُّخولِ في شهرِ شوَّالٍ، الَّذي هو مِن آثارِ الجاهليَّةِ، وكانوا يتَطيَّرون بذلك؛ لِما في اسْمِ شوَّالٍ مِن الإشالةِ، والرَّفعِ والإزالةِ، فكانوا يَعتقِدون أنَّ مَن بَنى بأهلِه في شوَّالٍ رُفِعَت المحبَّةُ مِن بَينِهما ولم يَكُنْ إلْفٌ ولم يَحصُلْ يُمنٌ، أو كانوا لا يَرَون يُمنًا في التَّزوُّجِ والعُرْسِ في أشهُرِ الحجِّ وبينَ العيدَين، فأرادَت أن تَرُدَّ على ذلك كلِّه
وفي الحديثِ: استحبابُ الزَّواجِ في شهرِ شوَّالٍ