التسهيل فيه 2
سنن النسائي
حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا وهب بن جرير، قال: حدثنا أبي، عن الأعمش، عن حصين بن عبد الرحمن، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أن ميمونة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم استدانت فقيل لها: يا أم المؤمنين، تستدينين وليس عندك وفاء، قالت: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أخذ دينا وهو يريد أن يؤديه، أعانه الله عز وجل»
الدَّينُ هَمٌّ ومَذَلَّةٌ، ومِن تَيسيرِ اللهِ على عِبادِه أنْ يَسَّرَ للمَدِينِ سُبُلَ أدائِه إنْ نَوَى، وأراد رَدَّ دَينِه
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عِمرانُ بنُ حُذَيفةَ أنَّمَيْمونةَ زَوجَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ورضِيَ اللهُ عنها كانَتْ تَدَّانُ وتُكثِرُ؛ أي: تَستقرِضُ، وتُكثِرُ في أخْذِها للمالِ؛ وذلكَ لِتَصِلَ به رحِمَها، وتُنفِقَه على المساكينِ،«فقال لها أهْلُها في ذلكَ»؛ أي: في استِقراضِها وأخْذِها للمالِ، «ولَامُوها، ووَجَدوا عليها»؛ أي: عابُوا عليها، وغَضِبوا؛ لاستكثارِها مِنَ الدَّينِ. وفي رِوايةٍ عندَ النَّسائيِّ والإمامِ أحمَدَ: «فقيلَ لها: يا أمَّ المؤمنينَ، تَستدينينَ وليس عندَكِ وفاءٌ؟!»؛ أي: إنَّهم أنْكَروا عليها لظُهورِ عدَمِ قُدرتِها على السَّدادِ، فقالَتْ مَيْمونةُ رضِيَ اللهُ عنها: «لا أترُكُ الدَّينَ»؛ أي: لنْأتْرُكَ الاستِدانةَ والقَضاءَ، «وقدْ سَمِعتُ خَليلي وصَفيِّي صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يقولُ:«ما أحَدٌ يَدَّانُ دَيْنًا»؛ أي: يَستقرِضُ مالًا، «فعلِمَ اللهُ عزَّ وجلَّأنَّه يُريدُ قَضاءَه»؛ أي: يَنْتَوي ويَسعَى في السَّدادِ، «إلَّا أدَّاه اللهُ عنه في الدُّنيا»؛ أي: يُيسِّرُ اللهُ له أسبابَ سَدادِه؛ بسبَبِ إرادتِه قضاءَ هذا الدَّينِ وأداءَه إلى صاحبِه
وفي الحَديثِ: ارتباطُ التَّوفيقِ بنيَّةِ العَبدِ
وفيه: أنَّ التَّوكُّلَ على اللهِ في جميعِ الأُمورِ يُنجِّي العَبدَ، ويُيسِّرُ له أُمورَه