الكلام في الطواف 1
سنن النسائي
أخبرنا يوسف بن سعيد، قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني سليمان الأحول، أن طاوسا، أخبره، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم مر وهو يطوف بالكعبة بإنسان، يقوده إنسان بخزامة في أنفه، «فقطعه النبي صلى الله عليه وسلم بيده، ثم أمره أن يقوده بيده»
بَيَّنَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَناسِكَ الحَجِّ والعُمرةِ وأعمالَهما، بالقَولِ والفِعلِ، وبَيَّنَ ما يَجوزُ، وما لا يَجوزُ فيهما، وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَرفُقُ ويُيسِّرُ على أصحابِه مِن أُمورِ العِبادةِ دُونَ تَكلُّفٍ أو مَشقَّةٍ لِمَا يَفرِضُه الإنسانُ على نَفْسِه
وفي هذا الحَديثِ يَروي عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَرَّ وهو يَطوفُ بالكَعبةِ بإنسانٍ ربَطَ يَدَه إلى إنسانٍ بسَيْرٍ، وهو ما يُصنَعُ ويُقطَعُ مِنَ الجِلدِ بشَكلِ طُوليٍّ، أو بخَيطٍ، أو بشَيءٍ غيرِ ذلك، كمِنديلٍ ونَحوِه، فقَطَعَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيَدِه؛ لأنَّه لم يُمكِنْ إزالةُ هذا المُنكَرِ إلَّا بقَطعِه، ثم قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِلقائِدِ: «قُدْه بيَدِه»، أيْ: دُونَ أنْ تَربِطَه بشَيءٍ
قيلَ: ظاهِرُه أنَّ المَقودَ كانَ ضَريرًا، أو لِأنَّ القَودَ بالحَبلِ ونَحوِه إنَّما يُفعَلُ بالبَهائمِ، وهو مُثلةٌ وتَنكيلٌ، وقيلَ: كان أهلُ الجاهليَّةِ يَتقرَّبونَ إلى اللهِ بمِثلِ هذا الفِعلِ، ولذلك مَنَعَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقيلَ: إنَّ الرَّجُلَينِ فعَلا ذلك لِأنَّ أحَدَهما نَذَرَ ذلك، فنَهاه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وبَيَّنَ لهما أنَّ هذا لا يَصِحُّ في النَّذرِ -كما في رِوايةٍ عِندَ البُخاريِّ
وفي الحَديثِ: مَشروعيَّةُ الكَلامِ بالخَيرِ في الطَّوافِ
وفيه: أنَّه إذا رَأى الطَّائفُ مُنكَرًا فله أنْ يُغيِّرَه بيَدِه