الشفاعة في الصدقة 1
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا سفيان، قال: أخبرني أبو بردة بن عبد الله بن أبي بردة، عن جده أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اشفعوا، تشفعوا، ويقضي الله عز وجل على لسان نبيه ما شاء»
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَؤُوفًا رحيمًا بالنَّاسِ، وكان يَسعى في قَضاءِ الحَوائجِ والتَّوسُّطِ للنَّاسِ فيها بالحقِّ والعدلِ؛ ليُعلِّمَ أُمَّتَه التعاوُنَ على البِرِّ والتقْوى
وفي هذا الحَديثِ يَروي أبو موسى الأشعريُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان إذا جاءَه السَّائلُ المحتاجُ لطلبِ الصَّدقةِ، أو جاءَه صاحبُ الحاجةِ يَطلُبُ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قضاءَها له، ومساعدتَه عليها، يقولُ: اشفَعُوا تُؤجَروا، أي: يكُنْ لكم في ذلك الأجرُ عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ، والمرادُ بالشَّفاعةِ هنا: هي التي تَكونُ في أمورِ الدُّنيا، وفي إعانةِ الإنسانِ على ما فيه خَيرٌ له في دُنْياه، فيَسعى المسلِمُ لأخيه المسلِمِ في حاجتِه وطلَبِها له، والتَّوسُّطِ فيها طالَما فيها خيرٌ يُعينُه على دِينِه ودُنياه، ما لم تكُنْ تلك الحاجةُ مَعصيةً أو إسقاطَ حدٍّ مِن حدودِ اللهِ تعالَى، أمَّا مَا عدا ذلك مِن الحاجاتِ -كإنظارِ المُعسِرِ، وإعانةِ المَدِينِ، والإصلاحِ بيْنَ متخاصِمَينِ- فبادِروا إلى السَّعي عِندي في ذلك
وقولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «ويَقْضي اللهُ على لِسانِ نَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما شاءَ» يعني: أنَّ ما قدَّره اللهُ وقَضاهُ واقعٌ؛ فإنْ قدَّر تحقيقَ الرَّغبةِ فإنَّها ستقَعُ، وإنْ قدَّر عدَمَ تحقيقِها فإنَّها لا تقَعُ، وكلُّ شَيءٍ بقضاءِ اللهِ وقدَرِه، والأجرُ للشَّفيعِ لا يَتوقَّفُ على تَحقُّقِ الغرَضِ مِن الشَّفاعةِ؛ فهو مأجورٌ لِمُجرَّدِ السَّعيِ
وفي الحديثِ: التَّرغيبُ في الشَّفاعةِ والسَّعيِ في قَضاءِ حَوائجِ النَّاسِ
وفيه: إثباتُ القَضاءِ والقدَرِ