النهي للمرأة أن تشهد الصلاة إذا أصابت من البخور 3
سنن النسائي
أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: أنبأنا جرير، عن ابن عجلان، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن بسر بن سعيد، عن زينب، امرأة عبد الله قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا شهدت إحداكن العشاء، فلا تمس طيبا» قال: أبو عبد الرحمن: «حديث يحيى وجرير أولى بالصواب من حديث وهيب بن خالد والله تعالى أعلم»
للنَّساءِ أحكامٌ خاصَّة بهنَّ في حُضورِ الصَّلواتِ في المساجدِ، وفي كَيفيَّةِ الخروجِ وهَيئتِه؛ من حيث الحِشمةُ، والزِّينةُ، والسُّترةُ، والبُعدُ عن مُواطِن الشُّبهاتِ، وعَملُ الطَّاعة لا بدَّ أنَ يكونَ بالضَّوابطِ الشَّرعيَّةِ، فمَن عَمِل الخيرَ والعملَ الصَّالحَ والتزَمَ ضَوابطَه، فإنَّه أفضلُ ممَّن عَمِله ولم يَلتزِم تلك الضَّوابطَ مع قُدرتِه على الإتيانِ بها
وفي هذا الحَديثِ يُرشِدُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم النِّساءَ أنَّهُنَّ إذا أردنَ حُضورَ صَلاةِ العِشاءِ في المسجدِ، فلا بدَّ لهنَّ أن يَلتزِمنَ بالأوامرِ الشَّرعيَّةِ، ومنها: أنَّها «لا تَطيَّب تِلك اللَّيلةَ»، أي: إنَّها تَذهَبُ مع تَمامِ نَظافتِها وطهارتِها، ولكن لا تَضَع عِطرًا ولا طيبًا له رائحةٌ عِندَ ذَهابِها للصَّلاةِ؛ لأنَّ الطِّيبَ يَنُمُّ على صاحبِه؛ فيُوجِبُ الالتِفاتَ إليها، ويُحرِّكُ قُلوبَ الرِّجالِ وشَهَواتِهم
وهذا النَّهيُ يَنسحِبُ على كلَّ الصَّلواتِ، ولعلَّ تَخصيصَ صَلاةِ العِشاء بالذِّكرِ هنا؛ لأنَّ الخوفَ عليهنَّ في اللَّيلِ أكثرُ، ووُقوعَ الفتنةِ فيه أقربُ، أو لأنَّ عادةَ النِّساءِ استعمالُ الطَّيب في اللَّيلِ لأزواجِهنَّ
وألحَق العلماءُ بالطِّيبِ ما في مَعناه، كالملابِس المتبرِّجةِ، ولُبسِ الحُليِّ الذي يَظهَرُ أثرُه في الزِّينةِ، وكلِّ ما يُؤدِّي إلى افتِتنان الرِّجالِ بالمرأةِ ويُحرِّكُ داعيةَ الرِّجالِ وشَهوتَهم، وهكذا وَضَعتِ الشَّريعةُ القُيودَ التي تَضمَنُ الأمانَ والسَّلامةَ للمَرأةِ وللمُجتَمعِ، مع المُحافَظةِ على حَقِّ المَرأةِ في الذَّهابِ إلى المَساجِدِ للصَّلاةِ
وفي الحديث: أنَّ كَمالَ الطَّاعةِ مُرتبِطٌ بأدائها بالضَّوابطِ الشَّرعيَّةِ
وفيه: نَهيُ النِّساءِ عن التَّعطُّرِ عند الخروجِ إلى الصَّلاةِ