باب {أفرأيتم اللات والعزى} 1
بطاقات دعوية
عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {أفرأيتم اللات والعزى}: كان اللات رجلا يلت سويق الحاج.
كان بعْضُ أَصنامِ العَربِ وأوثانِها وأنصابِها الَّتي عبَدُوها تَعودُ إلى أَشخاصٍ عَظَّمَهم أقوامُهم، وأرادوا تَخليدَ ذِكراهم بِصُنعِ تَماثيلَ وأنصابٍ لهمْ دونَ عبادتها، ولَمَّا تَطاوَلَ الزَّمانُ عَبَدَ النَّاسُ تِلكَ الأنصابَ والأصنامَ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما بقصَّةِ أحدِ أَشهرِ هذه الأصنامِ، وهو (اللَّات)، وقد ذَكَره الموْلى سُبحانه وتعالَى في قَولِه تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} [النجم: 19]، وذكرَ ابنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما أنَّ (اللَّات) هذا كان رجُلًا يَلُتُّ سَويقَ الحاجِّ، أي: يَخلِطُ السَّويقَ -وهو القمحُ بِالعسلِ وغيرِه- ويقدِّمُه للحُجَّاجِ.
ويقال: إنَّه لَمَّا ماتَ هذا الرَّجُلُ صَنَعوا مَكانَ مَجلسِه نُصُبًا ثُمَّ عبَدُوه، وهذا التَّفسيرُ مِنَ ابنِ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما على قِراءةِ "اللَّاتَّ" بِتَشديدِ التَّاءِ، أي: الَّذي يَلُتُّ، أي: يَخلطُ. أمَّا على القِراءةِ المتواترةِ فإنَّه اسمٌ لصَنَمٍ أَطلَقوا عليه لفظَ «اللهِ»، وكانتِ العربُ تَشتَقُّ لِأصنامِها مِن أسماءِ اللهِ تعالَى؛ فقالوا مِنَ اللهِ: اللَّاتُ، ومِن العَزيزِ: العُزَّى، ومِن المنَّانِ: مَناةُ. وقيل: كان المشرِكون يَستخدِمون كَلِمةَ «اللهِ» اسمًا لبعضِ أصنامِهم، فصَرَفَه اللهُ إلى «اللَّاتِ»؛ صِيانةً لهذا الاسمِ وذَبًّا عنه.