باب أمور الإيمان، وقول الله تعالى: {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:
" الإيمانُ بضعٌ وستُّون شعبةً، والحياء شعبةٌ منَ الإيمانِ".
الإيمانُ قولٌ وعمَلٌ، فيَدخُلُ فيه قولُ القَلبِ وقولُ اللِّسانِ وأعمالُ القُلوبِ الجَوارحِ واللِّسانِ كذلِك، وله أجزاءٌ وشُعَبٌ كثيرةٌ يتفاضَلُ أهلُه فيه بتَحقيقِها، وفي هذا الحَديثِ يبيِّنُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ شُعَبَ الإيمانِ وخِصالَه بِضعٌ وستُّونَ، والبِضعُ مِن الثَّلاثِ إلى العَشرِ، والمقصودُ أنَّ الإيمانَ ذو خِصالٍ متعدِّدةٍ، ويتكوَّنُ مِن أعمالٍ كثيرةٍ، منها: أعمالُ القُلوبِ؛ كالتَّوحيدِ، والتَّوكُّلِ، والرَّجاءِ، والخَوفِ، ومنها: أعمالُ اللِّسانِ، كالنُّطقِ بالشَّهادتينِ والذِّكرِ والدُّعاءِ، وتِلاوةِ القُرآنِ، وغيرِها، ومنها: أعمالُ الجَوارحِ؛ كالصَّلاةِ، والصَّومِ، وإغاثةِ الملهوفِ، ونَصْرِ المظلومِ. وقد بيَّنَتْ رِوايةُ مسلمٍ أعْلَى خِصالِ الإيمانِ وأدناها: «أَعْلَاها: قَوْلُ: لا إلهَ إلَّا اللهُ. وأَدْناها: إماطةُ الأذَى عن الطَّريقِ».ثمَّ أكَّد النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أهميَّةَ خُلُقِ الحياءِ، وأنَّه خَصلةٌ مِن خِصالِ الإيمانِ، والحياءُ خُلُقٌ يبعَثُ صاحبَه على اجتنابِ القَبيحِ، ويمنَعُ مِن التَّقصيرِ في حقِّ ذي الحقِّ. وهو نوعانِ: فِطريٌّ وشرعيٌّ، والمرادُ في هذا الحديثِ: الحياءُ الشَّرعيُّ، وهو الحياءُ مِن اللهِ تعالى؛ ألَّا يَراك حيثُ نهاك، ولا يَفقِدَك حيثُ أمَرَك، وهو بهذا المعنى أقوَى باعثٍ على الخيرِ، وأَعْظمُ رادعٍ عن الشَّرِّ؛ ولذلك كان مِن الإيمانِ، بل مِن كمالِ الإيمانِ. وخُصَّ الحياءُ بالذِّكرِ هنا؛ لِكَوْنِه أمْرًا خُلُقيًّا ربَّما يُذهَلُ العَقلُ عن كَوْنِه مِن الإيمانِ؛ فدَلَّ على أنَّ الأخلاقَ الحَسنةَ أيضًا مِن أعمالِ الإيمانِ ودَرَجاتِه.وقدْ أُجْمِلَتْ في هذا الحَديثِ شُعَبُ الإيمانِ، ولكنَّها مُوضَّحةٌ ومُفصَّلةٌ في نُصوصِ السُّنَّةِ النَّبويَّةِ، وحَصْرُ العَددِ لا يَعْني الاقتِصارَ على البِضْعِ والسِّتِّينَ أو البِضْعِ والسَّبْعينَ، ولكنَّهُ يدُلُّ على كَثرةِ أعمالِ الإيمانِ.وفي الحَديثِ: بيانُ أنَّ الأعمالَ جُزءٌ مِن الإيمانِ.