باب أول مسجد وضع في الأرض
بطاقات دعوية
عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول (2) قال المسجد الحرام قلت ثم أي قال المسجد الأقصى قلت كم بينهما قال أربعون سنة وأينما أدركتك الصلاة فصل فهو مسجد. (م 2/ 63)
كانَ الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم يَحرِصونَ على تَلقِّي العِلمِ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومَعرفةِ الخيرِ، وكانوا يَسأَلونه عمَّا جَهِلوه وخَفيَ عنْهم عِلمُه.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ الصَّحابيُّ الجليلُ أبو ذرٍّ الغِفارِيُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه سَأَلَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن أوَّلِ مَسجدٍ تمَّ بِناؤه على الأرضِ، فأجاب النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أبا ذَرٍّ أنَّه المسجِدُ الحرامُ.
وأخَذَ أبو ذُرٍّ رَضيَ اللهُ عنه يَستزِيدُ مِن عِلمِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فسَأَلَه عن المسجِدِ الَّذي بُنِيَ بعْدَ المسجدِ الحرامِ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «المَسجِدُ الأَقصى» الموجودُ بالقُدْسِ في فِلَسطينَ. وسُمِّيَ بـ«الأَقْصى»؛ قِيلَ: لبُعدِ المَسافةِ بيْنهُ وبيْن المسجِدِ الحرامِ.
فسَأَلَ أَبو ذَرٍّ رَضيَ اللهُ عنهُ: كَم الوقتُ بيْنَ بِناءِ المَسجدَينِ؟ فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أربعونَ»، أي: سَنةً، كما جاء في رِوايةِ الصَّحيحينِ.
ثمَّ أخبَرَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه أيْنما كانَ وحضَرَ وقْتُ الصَّلاةِ، فلْيُصَلِّ؛ فالأَرضُ طاهِرةٌ صالحةٌ للصَّلاةِ، فإيقاعُ الصَّلاةِ إذا حَضَرَت لا يَتوقَّفُ على المكانِ الأفضَلِ، ولا يَختَصُّ السُّجودُ فيها بمَوضعٍ دونَ آخَرَ، بلْ كلُّها صالحةٌ للسُّجودِ والصَّلاةِ، عَدا ما استُثنِيَ مِن ذلك، كمَواضعِ النَّجاساتِ.
وفي الحديثِ: إشارةٌ إلى المُحافَظةِ على الصَّلاةِ في أوَّلِ وقْتِها.
وفيه: بَيانُ فضْلِ المسجدِ الحرامِ، حيثُ إنَّه أوَّلُ مَوضعٍ وُضِعَ للعبادةِ، وفضْلِ المسجدِ الأقصى؛ فهو ثاني مَسجِدٍ وُضِعَ في الأرضِ، كما أنَّه أُولى القِبلتَينِ، ومَسرَى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.