باب إتمام التكبير في السجود
بطاقات دعوية
عن عِكرَمةَ قالَ: رأيتُ رجُلاًعندَ المَقامِ يكبِّرُ في كلِّ خفْضٍ ورَفعٍ، وإذا قامَ، وإذا وضَعَ، (وفي روايةٍ: قالَ: صلّيتُ خلْفَ شيْخٍ بمكَّةَ، فكبَّر ثِنْتَيْنِ وعشرينَ تكبيرةً)، فأَخبرتُ ابنَ عباسٍ رضي الله عنهما، قالَ: أوَ ليسَ تلكَ صلاةَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لا أُمَّ لكَ؟
(وفي الرواية الأُخرى: قلتُ لابنِ عبَّاسٍ: إنه أَحمقُ! فقالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ!
سُنَّةُ أبي القاسمِ - صلى الله عليه وسلم -).
تَبليغُ الدِّينِ وتَعليمُه للناسِ وتَصحيحُ ما انتقَصَ منه، واجبٌ على كلِّ مُسلمٍ بقدْرِ عِلمِه واستطاعتِه، وقد كان التَّابِعون يُرافِقون أصحابَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لِيَتعلَّموا مِن عِلْمِهم، وإذا ما أخْطَؤوا صوَّبَ لهم الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي عِكرمةُ مَولى ابنِ عبَّاسٍ أنَّه رَأى رجُلًا -قيل: هو أبو هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه- كان يُصلِّي بمَكَّةَ عندَ مَقامِ إبراهيمَ عليه السَّلامُ، وكان يُكبِّرُ في كلِّ خَفْضٍ ورَفْعٍ، فاستنكَرَ فِعلَ الرَّجُلِ، ووصَفَه في رِوايةٍ للبُخاريِّ بأنَّه أحمَقُ، فلمَّا ذَكَرَ ذلك لابنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما زَجَرَه ونَهَرَه ابنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما، وأخبَرَه أنَّها صَلاةُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لأنَّ التَّكبيرَ في كلِّ خَفضٍ ورفْعٍ كان فِعْلَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في صَلاتِه، وقال له: لا أُمَّ لك! وهي كَلمةٌ تُقالُ للزَّجرِ والتَّوبيخِ، وقالها له لأنَّه كان جاهلًا بالسُّنةِ فِي ذلك ومع ذلك أنْكَر على فعَلَها، والمرادُ: أنَّ الرجُلَ كان يُكبِّرُ في كلِّ خَفْضٍ ورَفْعٍ لِرأسِه في الصَّلاةِ، فيُكبِّرُ كلَّما نزَلَ للرُّكوعِ والسُّجودِ، وكلَّما رفَعَ مِنهما، ولكنْ كان يَقولُ في الرَّفعِ مِن الرُّكوعِ: سَمِع اللهُ لِمَن حَمِده، ربَّنا ولك الحَمدُ، ونحْوَها مِن الصِّيَغِ الواردةِ في ذلك المكانِ، وليس التَّكبيرَ؛ فهذا مُستَثنًى مِن التَّكبيرِ، ولكنَّ الكلامَ خَرَجَ مَخرَجَ الغالِبِ، فعَبَّرَ بالتَّكبيرِ لَمَّا كان في مُعظَمِ التَّنقُّلاتِ.