باب إذا حضرت الصلاة والعشاء
حدثنا على بن مسلم الطوسى حدثنا أبو بكر الحنفى حدثنا الضحاك بن عثمان عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال كنت مع أبى فى زمان ابن الزبير إلى جنب عبد الله بن عمر فقال عباد بن عبد الله بن الزبير إنا سمعنا أنه يبدأ بالعشاء قبل الصلاة. فقال عبد الله بن عمر ويحك ما كان عشاؤهم أتراه كان مثل عشاء أبيك.
قوله : ( عن أنس يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم ) أي يرفعه إليه صلى الله عليه وسلم
قوله : " إذا حضر العشاء " بفتح العين وهو طعام يؤكل عند العشاء قال العراقي : المراد بحضوره وضعه بين يدي الآكل لا استواؤه ولا غرفه في الأوعية لحديث ابن عمر المتفق عليه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء ولا يعجل حتى يفرغ منه . وكان ابن عمر يوضع له الطعام وتقام الصلاة فلا يأتيها حتى يفرغ منه ، وإنه ليسمع قراءة الإمام ، انتهى . وقد أشار إلى هذه الرواية المصنف أيضا حيث قال وروي عن ابن عمر إلخ . ويؤيد ما قال العراقي من أن المراد بحضوره وضعه بين يدي الآكل حديث أنس عند البخاري بلفظ : إذا قدم العشاء ، ولمسلم : إذا قرب العشاء وعلى هذا فلا يناط الحكم بما إذا حضر العشاء لكنه لم يقرب للآكل كما لو لم يقرب
قوله : " وأقيمت الصلاة " قال ابن دقيق العيد : الألف واللام في الصلاة لا ينبغي أن تحمل على الاستغراق ولا على تعريف الماهية ، بل ينبغي أن تحمل على المغرب لقوله فابدءوا بالعشاء ، ويترجح حمله على المغرب لقوله في الرواية الأخرى فابدءوا به قبل أن تصلوا المغرب ، والحديث يفسر بعضه بعضا ، وفي رواية صحيحة إذا وضع العشاء وأحدكم صائم ، انتهى . وقال الفاكهاني : ينبغي حمله على العموم نظرا إلى العلة وهي التشويش المفضي إلى ترك الخشوع ، وذكر المغرب لا يقتضي حصرا فيها لأن الجائع غير الصائم قد يكون أشوق إلى الأكل من الصائم ، انتهى . قال الحافظ في الفتح بعد ذكر هذين القولين : وحمله على العموم نظرا إلى العلة الحاقا للجائع بالصائم وللغذاء بالعشاء لا بالنظر إلى اللفظ الوارد ، انتهى
قوله : " فابدءوا بالعشاء " بفتح العين أي بطعام العشاء
قوله : ( وفي الباب عن عائشة وابن عمر وسلمة بن الأكوع وأم سلمة ) أما حديث عائشة فأخرجه مسلم بلفظ : لا صلاة بحضرة طعام ولا هو يدافعه الأخبثان . وأما حديث ابن عمر فأخرجه الشيخان وأبو داود وأحمد وابن ماجه . وأما حديث سلمة بن الأكوع فأخرجه أحمد والطبراني . وأما حديث أم سلمة فلينظر من أخرجه
قوله : ( وبه يقول أحمد وإسحاق يقولان يبدأ بالعشاء وإن فاتته الصلاة بالجماعة ) قال الحافظ في الفتح : اختلفوا فمنهم من قيده بمن إذا كان محتاجا إلى الأكل وهو المشهور عند الشافعية ، وزاد الغزالي : ما إذا خشي فساد المأكول ، ومنهم من لم يقيد وهو قول الثوري وأحمد وإسحاق ، وعليه يدل فعل ابن عمر أي الآتي ، ومنهم من اختار البداءة بالصلاة إلا إن كان الطعام خفيفا ، نقله ابن المنذر عن مالك ، انتهى . قلت : والظاهر ما قاله الثوري وأحمد وإسحاق ( سمعت الجارود يقول : سمعت وكيعا يقول في هذا الحديث يبدأ بالعشاء إذا كان الطعام يخاف فساده ) هذا مقول الترمذي ، والجارود هو ابن معاذ السلمي الترمذي شيخ المؤلف المتوفي سنة 244 أربع وأربعين ومائتين ، ووكيع هو وكيع بن الجراح ، وقول وكيع هذا لا دليل عليه بل يخالف إطلاق الحديث ، ولذا قال الترمذي ( والذي ذهب إليه بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أشبه بالاتباع ) أي أولى بالاتباع والعمل مما قال وكيع ( وإنما أرادوا ) أي بعض أهل العلم المذكورين ( أن لا يقوم الرجل إلى الصلاة وقلبه مشغول بسبب شيء ) أي حال كون قلبه مشغول بسبب شيء ( وقد روي عن ابن عباس أنه قال : لا نقوم إلى الصلاة وفي أنفسنا شيء ) روى سعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة بإسناد حسن عن أبي هريرة وابن عباس أنهما كانا يأكلان طعاما وفي التنور شواء ، فأراد المؤذن أن يقيم فقال له ابن عباس : لا تعجل لئلا نقوم وفي أنفسنا منه شيء . كذا في فتح الباري