باب إذا صلى خمسا
حدثنا نصر بن علي، أخبرنا جرير، ح وحدثنا يوسف بن موسى، حدثنا جرير، وهذا حديث يوسف، عن الحسن بن عبيد الله، عن إبراهيم بن سويد، عن علقمة، قال: قال عبد الله: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا، فلما انفتل توشوش القوم بينهم، فقال: «ما شأنكم؟» قالوا: يا رسول الله، هل زيد في الصلاة؟ قال: «لا»، قالوا: فإنك قد صليت خمسا، فانفتل فسجد سجدتين، ثم سلم، ثم قال: «إنما أنا بشر أنسى كما تنسون»
الصلاة عماد الدين، وعلى العبد أن يلزم فيها الخشوع والتدبر، وترك الانشغال بأحوال الدنيا، ولكنه قد يسهو فيها، فينقص أو يزيد في بعض أفعالها، وهذا السهو يحتاج إلى ما يجبره، وقد شرع سجود السهو لمثل ذلك
وفي هذا الحديث يحكي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ما حدث للنبي صلى الله عليه وسلم من سهو في الصلاة، فيخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوما، قال إبراهيم النخعي -راوي الحديث-: «لا أدري زاد أو نقص»، ويبين أنه زاد ما في الصحيحين: «صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر خمسا»، فلما سلم من صلاته سأله بعض من صلى معه: أحدث في الصلاة شيء؟ والمقصود السؤال عن حدوث شيء من الوحي يوجب تغيير حكم الصلاة بالزيادة على ما كانت معهودة، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: «وما ذاك؟»، وهو سؤال من لم يشعر بما وقع منه، ولا يقين عنده ولا غلبة ظن، وهو خلاف ما عندهم؛ حيث قالوا: «صليت كذا وكذا»؛ فإنه إخبار من يتحقق ما وقع. وقولهم: «كذا وكذا» كناية عما وقع زائدا على المعهود.قال ابن مسعود رضي الله عنه: فثنى النبي صلى الله عليه وسلم رجليه، فجلس كهيئة القعود للتشهد، ثم سجد سجدتين للسهو، ثم قال لهم: إنه لو حدث في الصلاة شيء لأخبرتكم به، وقال: إنما أنا بشر مثلكم، أنسى كما تنسون؛ فإذا نسيت فذكروني.ولعل من حكم الله تعالى في تقدير سهوه صلى الله عليه وسلم: تعليم أمته كيف تصنع إذا سها الإمام في الصلاة. ثم قال صلى الله عليه وسلم للناس: «وإذا شك أحدكم» فنسي في صلاته فلم يدر أزاد فيها أم نقص، «فليتحر الصواب»، فيجتهد في معرفة الحق والصواب؛ فإذا غلب على ظنه شيء أو لقرينة معه ورآه أقرب إلى الصواب، فليتم بناء عليه، ثم يسجد للسهو سجدتين. والمقصود من الحديث: أن من سها في صلاته وزاد فيها وسلم وهو ناس، ثم ذكر بعد سلامه، فإنه يستقبل القبلة ويسجد للسهو؛ فإن سجود السهو من تمام الصلاة، ولو كان بعد السلام، فهو جزء من الصلاة، ويشترط له استقبال القبلة كالصلاة
وفي الحديث: وقوع السهو من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في الأفعال، وهذا غير مخل بمقام النبوة أو بشيء من الشريعة
وفيه: أن سجود السهو سجدتان.وفيه: مشروعية سجود السهو بعد التسليم من الصلاة