باب فى الحلف
حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا أبو أسامة حدثنى إدريس بن يزيد حدثنا طلحة بن مصرف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فى قوله ( والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم) قال كان المهاجرون حين قدموا المدينة تورث الأنصار دون ذوى رحمه للأخوة التى آخى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينهم فلما نزلت هذه الآية (ولكل جعلنا موالى مما ترك) قال نسختها (والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم) من النصرة والنصيحة والرفادة ويوصى له وقد ذهب الميراث.
لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وتوافد عليها المهاجرون تباعا، كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤاخي بين المهاجرين والأنصار، فكان الرجل من الأنصار يجعل المهاجري شريكا له في ماله وداره وغير ذلك، وكان إذا مات يرثه هذا المهاجر دون أهله من ذوي رحمه؛ بسبب الأخوة التي آخاها النبي صلى الله عليه وسلم بينهما، وهذا معنى قوله تعالى: (والذين عاقدت أيمانكم)، و(عاقدت) بالألف هي قراءة سبعية متواترة، أي: عاقدت ذوو أيمانكم ذوي أيمانهم، وفي قراءة: {عقدت} بغير ألف، أي: عقدت أيمانكم عهودهم. فكان الرجل يعاقد الرجل فيقول: دمي دمك، وثأري ثأرك، وحربي حربك، وسلمي سلمك، وترثني وأرثك، فلما نزل قوله تعالى: {ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون} -أي: جعل الله تعالى لكل واحد منكم أيها الناس عصبة، كإخوته وبني عمه، يرثونه مما ورثه هو من أبيه وأمه، وسائر قرابته- نسخت قوله تعالى: (والذين عاقدت)، فصار الإرث لمستحقه من أهل الميت، ونسخ الميراث بين المتعاقدين وبقي النصرة في الحق، والرفادة، وهي المعاونة على شؤون الحياة، والنصيحة في دين الله بالحق، وهذا يشمل التعاون على الحق، والنصرة على الأخذ على يد الظالم الباغي، وهذه الأمور من الحقوق العامة بين المسلمين، وبقي أيضا جواز الوصية لمن كان يرثه بالأخوة الإسلامية إذا شاء المورث، أما الميراث بعد الموت فيأخذه مستحقه من القرابات، كما في كتاب الله تعالى