باب إقامة الصفوف 1
سنن ابن ماجه
حدثنا علي بن محمد، حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن تميم بن طرفة
عن جابر بن سمرة السوائي، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟ " قال: قلنا: وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: "يتمون الصفوف الأول، ويتراصون في الصف" (2).
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نِعْمَ المعلِّمُ والمربِّي لأمَّتِه؛ فقد كان يُلاحِظُهم في كلِّ أحوالِهم، ويُرشِدُهم إلى ما فيه خَيرُهم في العباداتِ والمعامَلاتِ وغيرِ ذلك.
وهذا الحديثُ جزءٌ مِن روايةٍ أطولَ مِن ذلك، وفيها: "خرَج علينا رسولُ اللهِ، فقال: ما لي أراكُم رافِعي أيديكم كأنَّها أذنابُ خَيلٍ شُمْسٍ؟! اسكُنوا في الصَّلاةِ"، أي: فقال إنكارًا عليهم وعلى ما يَفعَلونه في الصَّلاةِ مِن رفعِ الأيدي رفعًا مُنكَرًا كأنَّها ذُيولُ الخيلِ المُختالةِ، وهذا لا يتَناسَبُ مع هَيْبةِ الصَّلاةِ وما يَجِبُ أن يَكونَ فيها مِن الخشوعِ، والمقصودُ رفعُ الأيدي عندَ السَّلامِ والخروجِ مِن الصَّلاةِ، "قال: ثمَّ خرَج علينا فرَآنا حِلَقًا، فقال: ما لي أراكم عِزينَ!"، أي: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُنكِرًا عليهم تَفرُّقَهم في المسجدِ: ما لي أراكم عِزينَ، أي: جَماعاتٍ مُتفرِّقين في حَلقاتٍ مُتعدِّدةٍ، مع أنَّ المأمورَ به هو التَّجمُّعُ والاتِّحادُ.
"قال: ثمَّ خرَج علينا مرَّةً أخرى، فقال" مُعلِّمًا إيَّاهم كيف يَقِفون في الصَّلاةِ: "ألَا تَصُفُّون كما تصُفُّ الملائكةُ عندَ ربِّها؟ فقلنا: يا رسولَ الله، وكيف تَصُفُّ الملائكةُ عند ربِّها؟ قال: يُتِمُّون الصُّفوفَ المُقدَّمةَ، ويتَراصُّون في الصَّفِّ"، أي: تَتراصُّون في الصُّفوفِ بعضُكم بجِوارِ بعضٍ، وتُتِمُّونها صفًّا صفًّا الأوَّلَ ثمَّ الثَّانيَ ثمَّ الثَّالثَ، وهكذا في كلِّ الصُّفوفِ.
وفي الحديثِ: الحثُّ على الخُضوعِ في الصَّلاةِ وعدَمِ التَّشبُّهِ بالحيواناتِ.
وفيه: إنكارُ التَّفرقةِ في المَجالسِ، والحثُّ على التَّجمُّعِ.
وفيه: الأمرُ بإتمامِ الصُّفوفِ وتَسويتِها في الصَّلاةِ.