باب اتباع سنة رسول اللهﷺ4
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا زكريا بن عدي، عن ابن المبارك، عن محمد بن سوقة، عن أبي جعفر، قال:
كان ابن عمر إذا سمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثا لم يعده ولم يقصر دونه (2).
نقَل الصَّحابةُ الكِرامُ رضِيَ اللهُ عنهم سُننَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وأحاديثَه بكلِّ دقَّةٍ وأمانةٍ، وكان عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ مِثالًا صادِقًا على ذلك في روايةِ الأحاديثِ، وفي تتَبُّعِ سُننِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم.
وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو جَعفرٍ محمَّدُ بنُ عليِّ بنِ الحُسينِ الباقِرُ: "كان ابنُ عُمرَ إذا سَمِع مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم حَديثًا لم يَعْدُه"، والمعنى: أنَّ ابنَ عُمرَ كان إذا سَمِع حديثَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لم يتَجاوَزْه بالزِّيادةِ على قَدْرِ ما سَمِعه. وفي روايةٍ: "وكان ابنُ عُمرَ إذا سَمِع النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لم يَزِدْ فيه، ولم يَنقُصْ منه، ولم يُجاوِزْه"، وقوله: (ولم يُقصِّرْ دونَه) هو مِن التَّقصيرِ في الأمرِ والتَّواني فيه، والمعنى: أنَّه لا يَنقُصُ مِنه شيئًا، بل يَرْويه تامًّا كما سَمِعه، وهذا المعنى قد يُحمَلُ على تَدْقيقِه في الرِّوايةِ، ويُحمَلُ أيضًا على دِقَّتِه في تنفيذِ الأوامرِ النَّبويَّةِ والتَّتبُّعِ للسُّننِ، وهذا مِن عِنايةِ ابنِ عُمرَ رَضِي اللهُ عَنهما؛ فقد كان شديدَ التَّعظيمِ لِسُنَّةِ الرَّسولِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، وشديدَ الاتِّباعِ له حتَّى لقد اشتَهرَ عنه أنَّه كان يتَتبَّعُ آثارَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في الصَّحراءِ، وفي المواقفِ الَّتي وقَف فيها النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم فيَقِفُ فيها، وهذا مِن اجتِهادِه رَضِي اللهُ عَنه.
وفي الحديثِ: بيانُ مَنقَبةِ عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رضِيَ اللهُ عنهما وأمانَتِه في نَقْلِ السُّننِ والأحاديثِ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم .