باب اتخاذ الجمة والذوائب2
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا إسحاق بن منصور، عن إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق، عن يحيى بن عباد، عن أبيه
عن عائشة، قالت: كنت أفرق خلف يافوخ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم أسدل ناصيته (3)
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُعلِّمًا ومُربِّيًا لأُمَّتِه بالقولِ والفعلِ، والهَدْيِ والعمَلِ، وقد أمَرَنا بالنَّظافةِ العامَّةِ، وقد أمَرَ مَن كان له شَعرٌ أنْ يُكْرِمَه ويُهذِّبَه، وقد كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحيانًا يُطيلُ شَعْرَه ويَضْفِرُه، وأحيانًا أُخرى يُقصِّرَه، وفي هذا الحديثِ تقولُ أمُّ المؤمِنينَ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها:"كنتُ أفرِقُ خلفَ يافوخِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، أي: أجعلُ فَرْقًا يَقسِمُ شَعرَ النَّبيِّ نِصفَينِ من الخَلف ِ"ثم أسدِلُ ناصيتَه"، أي: أُطيلُ مُقدِّمةَ الشَّعرِ وأُنزلها على جَبهةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقد رود صِفةٌ أخرى في تَسريحِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لشِعرهِ، عن أُمِّ هانئٍ بنتِ أبي طالبٍ رضِيَ اللهُ عنها، قالتْ: "دخَلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مكَّةَ"، وذلك يومَ الفَتحِ سَنَةَ تسْعٍ مِن الهجرةِ، "وله أربعُ غَدائرَ- تعني ضَفائرَ- "، وهذا مِن شَمائلِه الشَّريفةِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكان هذا غالبَ أحوالِه، وكان رُبَّما طال حتَّى يصيرَ ذُؤابةً ويتَّخِذَ منه عَقائصَ وضَفائِرَ، وهذا مَحمولٌ على الحالِ الَّتي يبعُدُ عَهدُه بتَعهُّدِ شَعرِه فيها، كحالةِ الشُّغلِ بالسَّفرِ ونحوِه.