باب اتخاذ الجمة والذوائب3
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا جرير ابن حازم، عن قتادة
عن أنس، قال: كان شعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شعرا رجلا بين أذنيه ومنكبيه (1)
لقد نقَل الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم لِمَن بَعدَهم أدَقَّ تفاصيلِ أحوالِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم الَّتي عرَفوها، ومِن ذلك أنَّهم وصَفوا كلَّ شمائلِه وصِفاتِه المادِّيَّةِ والمعنويَّةِ، ومن ذلك وَصفُهم لشَعرِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، كما في هذا الحديثِ، حيثُ يُخبِرُ أنسُ بنُ مالكٍ رَضِي اللهُ عَنه ببعضِ شمائلِ النَّبيِّ الكريمِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ وصفاتِه، فيقولُ: "كان شَعَرُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم شَعرًا رَجِلًا"، أي: إنَّه مُرسَلٌ، ولكنَّ استِرْسالَه ليس به نُعومةٌ كما سيأتي، "ليس بالجعدِ"، أي: المنكَسِرِ، وهو ما يُعرَفُ بالخَشِنِ، "ولا بالسَّبْطِ"، أي: المرسَلِ، وهو ما يُعرَفُ بالنَّاعمِ، "بينَ أُذنَيه وعاتِقِه"، أي: إنَّ طُولَ شَعرِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كان يقَعُ ما بينَ الأُذنِ والعاتِقِ، وهو: ظَهرُ الكَتِفِ مِن أوَّلِه معَ أسفِلِ العُنقِ إلى آخِرِه مع مُلتَقى الذِّراعِ، وقد أوضحتِ الرِّواياتُ الأخرى أنَّ شَعَرَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان فَوقَ الجُمَّةِ ودُونَ الوَفْرةِ، وكانتْ جُمَّتُه تَضْرِبُ شَحمةَ أُذنِه، وإذا طال جعَله ضَفائِرَ أربَعًا، وكان إذا حلَقَه حلَقه كُلَّه، كما فعَل في نُسكِه في العُمرةِ والحجِّ، وأنَّ شَعَرَ رأسِه كلَّه كان على نَسَقٍ واحدٍ مُتساوِيًا في الطُّولِ، والجُمَّةُ مِن شعَرِ الرَّأسِ: ما سَقَط على المَنكِبَينِ، والوَفْرةُ: ما جاوَزَ شَحمةَ الأُذنِ، وقيل: الوَفرةُ: الجُمَّةُ مِن الشَّعرِ إذا بلَغَتِ الأُذنَينِ، وما جاء عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هذا عَدَّه العلماءُ مِن السُّننِ الجِبِلِّيَّةِ والعادةِ، ولا حَرَجَ في فِعلِه أو تَرْكِه، بخِلافِ سُننِ العِبادةِ .