باب استحباب الترتيل فى القراءة
حدثنا عبد الأعلى بن حماد حدثنا عبد الجبار بن الورد قال سمعت ابن أبى مليكة يقول قال عبيد الله بن أبى يزيد مر بنا أبو لبابة فاتبعناه حتى دخل بيته فدخلنا عليه فإذا رجل رث البيت رث الهيئة فسمعته يقول سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول « ليس منا من لم يتغن بالقرآن ». قال فقلت لابن أبى مليكة يا أبا محمد أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت قال يحسنه ما استطاع.
جمال الصوت في قراءة القرآن مما يعين على الخشوع والتدبر لدى القارئ والمستمع
وفي هذا الحديث يحث النبي صلى الله عليه وسلم على التغني بالقرآن، وهو تحسين الصوت به قدر الوسع والطاقة، فأخبر أنه ليس على سنتنا وطريقتنا وليس مقتديا بنا؛ من لم يحسن صوته بالقرآن ويجهر به رافعا به صوته؛ وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم كان يحسن صوته بالقرآن، ويرجع في تلاوته على ما في رواية عبد الله بن مغفل رضي الله عنه في الصحيحين، وليس المعنى أن من لم يفعل ذلك يخرج من الإسلام. وقيل: إن مراده: وضع القرآن موضع الغناء واختياره مكانه؛ فإن الغناء ألذ عند عامة الناس، والمطلوب تركه، فإذا تركه الشخص فلا بد أن يضع مكانه شيئا آخر يتلذذ به؛ فعلى المؤمن الخاشع أن يجعل القرآن مقامه ويتنزه قلبه به، ويترك ما لا يعنيه، ويشتغل بما يعنيه، ومن لم يفعل كذلك واشتغل باللهو والغناء وأضاع فيه وقته وجعل القرآن خلف ظهره؛ فإنه ليس منه صلى الله عليه وسلم وليس على طريقه
وقيل: التغني: الاستغناء، وقيل: التحزن، وقيل: الانشغال به، ويمكن أن يجمع بين تلك الأقوال؛ بأن يحسن صوته به جاهرا به، مترنما على طريق التحزن والتخشع، مستغنيا به عن غيره من الأخبار، طالبا به غنى النفس راجيا به غنى اليد