باب الأذان فى السفر

باب الأذان فى السفر

حدثنا هارون بن معروف حدثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن أبا عشانة المعافرى حدثه عن عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول « يعجب ربكم من راعى غنم فى رأس شظية بجبل يؤذن بالصلاة ويصلى فيقول الله عز وجل انظروا إلى عبدى هذا يؤذن ويقيم الصلاة يخاف منى فقد غفرت لعبدى وأدخلته الجنة ».

الخوف الحقيقي من الله تعالى- وكذا والرجاء الصحيح- يكون بعمل الطاعات واجتناب المعاصي، وفي هذا الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "يعجب ربك"، العجب عند البشر هو استعظام الأمر وإكباره، وهو في حق الله تعالى صفة من صفاته الفعلية الخبرية الثابتة له بالكتاب والسنة، لكن بالكيفية التي تليق بجلاله سبحانه؛ وذلك أن الله عز وجل يستحيل عليه التعجب الذي يخفى على صاحبه معرفة الأسباب، والله عز وجل عنده علم الأسباب، "من راعي غنم في رأس شظية الجبل"، أي: من الراعي الذي يقف بأعلى الجبل أو قطعة منه، وشظية الجبل: قطعة من رأس الجبل، وقيل: هي الصخرة الخارجة منه، "يؤذن بالصلاة ويصلي"، أي: معظما لأمر الصلاة بالنداء مع خلو المكان من البشر، وقيل: المراد بأذانه إعلام الملائكة والجن بدخول الوقت؛ فإن لهم صلاة أيضا مع شهادة ما حوله على توحيده لله تعالى، وقيل: إذا أذن وأقام تصلي الملائكة معه، ويحصل له ثواب الجماعة، "فيقول الله عز وجل"، أي: للملائكة ولمن عنده في الملأ الأعلى: "انظروا إلى عبدي هذا يؤذن ويقيم الصلاة؛ يخاف مني"، أي: يفعل ذلك خوفا من الله عز وجل ومن عذابه، وطمعا في رحمته، "قد غفرت لعبدي"، أي: محوت عنه ذنبه وسترته ولم أؤاخذه به، "وأدخلته الجنة"، أي: بمزيد أجر وفضل من الله عز وجل؛ وذلك أن الحسنات يذهبن السيئات
وفي الحديث: إثبات صفة العجب لله عز وجل
وفيه: فضل العبادة في العزلة، فضل رعي الغنم، واعتزال أمور الناس، وهو محمول على أيام الفتن؛ فرارا بدينه من الفتن
وفيه: مشروعية الأذان والإقامة للمنفرد