باب: الأكل باليمين 2
بطاقات دعوية
عن إياس بن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنهما - أن أباه حدثه أن رجلا أكل عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشماله فقال كل بيمينك قال لا أستطيع قال لا استطعت ما منعه إلا الكبر قال فما رفعها إلى فيه. (م 6/ 109
لقدْ علَّمَنا نبيُّنا محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الكثيرَ والكثيرَ مِنَ الآدابِ الخاصَّةِ بالطَّعامِ والشَّرابِ، وكَيفيَّةِ الوقايةِ مِن الشَّيطانِ.
وفي هذا الحديثِ يَنْهى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَأكُلَ المسلمُ ويَشرَبَ بيَدِه الشِّمالِ؛ وذلك لأنَّ الشَّيطانَ يَأكُلُ ويَشرَبُ بها على الحقيقةِ، وقيل: يَحتمِلُ أنَّه أسْنَدَ إليه ذلك؛ لأنَّه فِعلُ أوليائِه، أو لأنَّه مِن قَبائحِ الأفعالِ؛ لِما فيه مِن مُخالَفةِ السُّنَّةِ.
وأخبَرَ عُمرُ بنُ محمَّدِ بنِ زَيدٍ -مِن رُواةِ الحديثِ- أنَّ نافِعًا مَولى ابنِ عُمرَ كان يَزِيدُ في رِوايتِه قوْلَه: «ولا يَأْخُذُ بها ولا يُعْطِي» أي: بشِمالِه، ويَقصِدُ بذلكَ أنَّ مُباشَرةَ الإنسانِ أخْذَه وعَطاءهُ مع الآخَرِين تكونُ باليدِ اليمينِ وليْست الشِّمالَ، وظاهرُ هذا أنَّه مَوقوفٌ على نافعٍ، ويَحتمِلُ أنْ يكونَ مَرفوعًا إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ ويُؤيِّدُ ذلك ما رَواهُ ابنُ ماجَه عن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه: أنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «لِيَأْكُلْ أحَدُكُمْ بيَمِينِه، ولْيَشْرَبْ بيَمِينِه، ولْيَأخُذْ بيَمِينِه، ولْيُعْطِ بيَمِينِه».
فعلى المسْلمِ أنْ يَلتزِمَ هَدْيَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلَّا مِن عُذرٍ يَمنَعُ الأكلَ والشُّربَ باليَمينِ؛ مِن مَرَضٍ، أو جِراحةٍ، أو غيرِ ذلك، وهذا مِن أسبابِ البرَكةِ.
وقد كان هدْيُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للمسلِمِ البَداءةُ باليَمينِ في كلِّ شَيءٍ مُستحسَنٍ وفيه خيرٌ، وجَعْلُ اليَسَارِ لكلِّ شَيءٍ مَذمومٍ مُستقذَرٍ.
وفي الحديثِ: النَّهيُ عَنِ التَّشُّبه بِالشَّيطانِ.
وفيه: ثُبوتُ أكْلِ الشَّيطانِ وشُربِه وأنَّ له يَدًا.