باب الأكل في قدور المشركين
سنن ابن ماجه
حدثنا علي بن محمد، حدثنا أبو أسامة، حدثني أبو فروة يزيد ابن سنان، حدثني عروة بن رويم اللخمي عن أبي ثعلبة الخشني -قال: ولقيه وكلمه - قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألته، قلت: يا رسول الله، قدور المشركين نطبخ فيها! قال: "لا تطبخوا فيها" قلت: فإن احتجنا إليها، فلم نجد منها بدا؟ قال: "فارحضوها رحضا حسنا، ثم اطبخوا وكلوا" (1)
شَريعةُ الإسلامِ شريعةُ التَّيسيرِ، وقد تَجلَّى ذلك في كثيرٍ من الأُمورِ الَّتي ليس فيها إضرارٌ بأُصولِ الدِّينِ، ومِن ذلك الترخيصُ في استعمالِ آنيةِ غيرِ المُسلمينَ بشرْطِ تَطهيرِها وتنْظيفِها.
وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو ثَعلبةَ الخُشنيُّ رضِيَ اللهُ عنه: "سُئِلَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن قُدورِ المجوسِ"، أي: عن حُكمِ استخدامِ آنيةِ المجوسِ، وهم الَّذين يعْبدون النَّارَ، فقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "أَنْقوها غَسْلًا"، أي: نَظِّفوها جيِّدًا بغَسْلِها بالماءِ، "واطْبُخوا فيها" وهذا كِنايةٌ عن إباحةِ استِخدامِها بعدَ إتمامِ تَطهيرِها وغَسْلِها، "ونَهَى عن كلِّ سَبُعٍ ذي نابٍ"، أي: نهى عن أكْلِ الحَيواناتِ الضَّاريةِ الَّتي تأكُلُ اللُّحومَ بنابِها وأسنانِها، والنَّابُ واحدُ الأنيابِ، وهي ممَّا يَلي الرَّبَاعِيَات من الإنسانِ، وأراد بكُلِّ ذي نَابٍ: ما يَعْدو بنَابِه؛ كالذِّئْبِ، والأسدِ، والكلْبِ، ونحوِها.
وفي الحديثِ: رِعايةُ النَّفعِ والضَّررِ في إباحةِ استخدامِ آنيةِ غيرِ المُسلِمين.