باب الإشهاد في الوقف والصدقة
بطاقات دعوية
عن ابن عباس أن سعد بن عبادة رضي الله عنه أخا بني ساعدة، توفيت أمه وهوغائب [عنها 3/ 191]، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! إن أمي توفيت وأنا غائب عنها، فهل ينفعها شيء إن تصدقت به عنها؟ قال: "نعم".
قال: فإني أشهدك أن حائطي المخراف صدقة عليها
مِن رَحمةِ اللهِ سُبحانه وفضْلِه أنْ جعَلَ أسبابًا كَثيرةً لرَفْعِ الدَّرَجاتِ وغُفرانِ الذُّنوبِ، ومِن ذلك أنَّه جَعَل الصَّدقَةُ عن الميِّتِ مِنَ الأعمالِ الَّتي يَصِلُ أجْرُها للميِّتِ بعْدَ وَفاتِه.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ سَعدَ بنَ عُبادةَ رَضيَ اللهُ عنه تُوفِّيتْ أمُّه عَمْرةُ بنتُ مَسعودٍ وهو غائبٌ عنها، فلمَّا حَضَرَ عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذَكَر له ذلِك، وسَأَلَه: هلْ يَنفَعُها صَدقتُه عنها؟ فقال له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «نَعَم»، أي: إنْ تَصدَّقْتَ عنها وصَلَها ثَوابُ الصَّدقةِ وكُتِب لها في أعْمالِها، فلمَّا قال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذلك، قال سَعدٌ رَضيَ اللهُ عنه: «فإنِّي أُشهدُك أنَّ حَائِطِي المِخْرافَ صَدقةٌ عليها»، والحائطُ: هو البُستانُ مِنَ النَّخلِ إذا كان له جِدارٌ، والمِخْرافُ: اسمٌ لهذا الحائطِ، أو وصْفٌ له، أي: المثْمِرُ، وسُمِّيَ بذلك لِما يُخرَفُ منه، أي: يُجْنى مِن الثَّمرةِ، والمعنى: أنَّه جَعَلَ هذا البُستانَ صَدَقةً؛ لِيَصِلَ ثَوابُها إلى أُمِّه، وجَعَلَها صَدَقةً عامَّةً ولم يُسمِّ على مَن يَتصدَّقُ بالحائطِ، ولم يُنكِرِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَدَقتَه.