باب الاضطجاع بعد ركعتي الفجر
حدثنا مسدد وأبو كامل وعبيد الله بن عمر بن ميسرة قالوا حدثنا عبد الواحد حدثنا الأعمش عن أبى صالح عن أبى هريرة قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « إذا صلى أحدكم الركعتين قبل الصبح فليضطجع على يمينه ». فقال له مروان بن الحكم أما يجزئ أحدنا ممشاه إلى المسجد حتى يضطجع على يمينه قال عبيد الله فى حديثه قال لا. قال فبلغ ذلك ابن عمر فقال أكثر أبو هريرة على نفسه. قال فقيل لابن عمر هل تنكر شيئا مما يقول قال لا ولكنه اجترأ وجبنا. قال فبلغ ذلك أبا هريرة قال فما ذنبى إن كنت حفظت ونسوا.
كان أبو هريرة رضي الله عنه من أكثر الصحابة حفظا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وذلك ببركة دعوة النبي عليه الصلاة والسلام له، ولتفرغه لطلب العلم من رسول الله، بخلاف غيره من الصحابة الذين كانت تشغلهم تجارتهم، والصفق بالأسواق عن حضور بعض مجالس النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يفوتهم بعض حديثه، وربما نسوا ما سمعوه
وفي هذا الحديث يقول أبو هريرة رضي الله عنه: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صلى أحدكم الركعتين قبل الصبح"، أي: ركعتي سنة الفجر، "فليضطجع على يمينه"، أي: على شقه الأيمن، "فقال له"، أي: لأبي هريرة مروان بن الحكم "أما" للاستفهام، "يجزئ" من الإجزاء، أي: هل يكفي "أحدنا ممشاه إلى المسجد حتى يضطجع على يمينه"، أي: إن المشي إلى الصلاة لأجل أداء الصلاة لا يكفيه لحصول الأجر حتى تكون الضجعة سببا لحصول الأجر؟
"قال عبيد الله" أحد رواة هذا الحديث، في حديثه: "قال" أبو هريرة: "لا"، أي: لا يكفيه؛ فإن المشي إلى المسجد عبادة، والضجعة لفعله صلى الله عليه وسلم عبادة أخرى لا يحصل أجر أحدهما بالأخرى
"قال"، أي: أبو صالح راوي الحديث: "فبلغ ذلك ابن عمر، فقال: أكثر أبو هريرة على نفسه"، أي: أكثر في رواية الأحاديث كثرة يعود ضررها على نفسه؛ لأنه لا يسلم من الخطأ والنسيان، فيدخل في الوعيد، "قال"، أي: أبو صالح راوي الحديث: "فقيل لابن عمر"، أي: قال له أحد الحاضرين: "هل تنكر شيئا مما يقول؟ قال: لا"، أي: لا أنكر شيئا في خصوص هذه الرواية، بل أنكر كثرة الروايات، "ولكنه اجترأ" على كثرة رواية الحديث، "وجبنا" عنها؛ لخوف الدخول في الوعيد
"قال" أبو صالح: "فبلغ ذلك"، أي: قول ابن عمر "أبا هريرة، قال" أبو هريرة: "فما ذنبي إن كنت حفظت"، أي: حفظت هذه الأحاديث من النبي صلى الله عليه وسلم فلم أنسها، "ونسوا"؛ لانشغالهم عنها؟!
وفي الحديث: بيان لفضيلة أبي هريرة رضي الله عنه في حفظ السنة، وفقهه فيما يحفظ
وفيه: أدب الصحابة رضي الله عنه