باب فى ضرب الوجه فى الحد
حدثنا أبو كامل حدثنا أبو عوانة عن عمر - يعنى ابن أبى سلمة - عن أبيه عن أبى هريرة عن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال « إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه ».
الإنسان هو صنعة الله التي كرمها وفضلها على كثير مما خلق، وقد أمرنا باحترام النفس البشرية، وخاصة الوجه الذي هو أشرف ما في الإنسان ومناط العزة والكرامة فيه
وفي هذا الحديث يأمر صلى الله عليه وسلم المسلم أنه إذا اضطر إلى ضرب أحد -كمشاحنة ونحوها- أن يجتنب الوجه عند القتال أو الضرب، والنهي يشمل أيضا ضرب الخادم والزوجة والولد للتأديب؛ وذلك لأن الوجه لطيف يجمع المحاسن، ولأن أعضاءه نفيسة لطيفة، وأكثر الإدراك بها؛ فقد يبطلها ضرب الوجه، وقد ينقصها، وقد يشوه الوجه، ولأن الشين في الوجه فاحش؛ لأنه بارز ظاهر لا يمكن ستره، ومتى ضربه لا يسلم من الشين غالبا. وفي رواية مسلم في صحيحه بيان سبب المنع؛ قال صلى الله عليه وسلم: «فإن الله خلق آدم على صورته»، والمعنى: أن الله تعالى خلق آدم على صورة الرحمن، وليس معنى ذلك أن صورة الرب جل جلاله تشبه صورة الإنسان، بل لله صفاته جل وعلا التي تليق بجلاله وعظمته، وللعبد صفاته التي تليق به؛ فصفات العبد يعتريها الفناء والنقص، وصفات الله سبحانه كاملة لا يعتريها نقص، ولا زوال، ولا فناء؛ ولهذا قال عز وجل: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى: 11]، وقال سبحانه: {ولم يكن له كفوا أحد} [الإخلاص: 4]. وهذا الحديث من أحاديث الصفات التي تمر كما جاءت من غير تحريف أو تعطيل، ومن غير تكييف أو تمثيل