باب الانصراف من الصلاة 1
سنن النسائي
أخبرنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا أبو عوانة، عن السدي، قال: سألت أنس بن مالك، كيف أنصرف إذا صليت عن يميني، أو عن يساري؟ قال: «أما أنا فأكثر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه»
الصَّلاةُ عبادةٌ تَوقيفيَّةٌ، نَأخُذُها ونتَعلَّمُها مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومِن ذلك آدابُ الانْصرافِ بعدَ الانْتهاءِ مِنَ الصَّلاةِ
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابِعيُّ إسْماعيلُ بنُ عَبدِ الرَّحمنِ السُّدِّيُّ، أنَّه سَألَ الصَّحابيَّ أنسَ بنَ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه: كَيفَ أنصَرِفُ إذا فَرغْتُ مِنَ الصَّلاةِ؛ لِكَي أرجِعَ إلى جِهةِ حاجَتي؛ عَن يَميني أو يَساري؟ فأجابَه أنسٌ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه رَأى رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا فَرغَ مِن صَلاتِه يَتوجَّهُ جِهةَ اليَمينِ في أغلَبِ أحْوالِه وأكثَرِها
وفي مُسنَدِ أحمَدَ عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ رَضيَ اللهُ عنهما: »ورأيْتُه يَنصرِفُ عن يَمينِه، ورأيْتُه يَنصرِفُ عن يَسارِه»، أي: يَنصرِفُ بعدَ الانتهاءِ مِنَ الصَّلاةِ في أيِّ الجِهَتينِ دونَ تَخصيصِ الانْصرافِ بجِهةٍ واحدةٍ، سواءٌ أكان الانْفتالُ للتَّوجُّهِ إلى المأْمومينَ أو للانْصرافِ مِنَ المسجدِ بعدَ الفراغِ مِنَ الصَّلاةِ
وفي الصَّحيحَينِ قال عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه: »لا يَجعَلْ أحَدُكُم لِلشَّيْطَانِ شيئًا مِن صَلَاتِهِ يَرَى أنَّ حَقًّا عليه ألَّا يَنصَرِفَ إلَّا عن يَمِينِهِ، لقَدْ رَأَيْتُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَثِيرًا يَنْصَرِفُ عن يَسَارِهِ»، فالأمرُ في ذلك واسعٌ ولا حرَجَ فيه
وقيلَ: إنَّ الانْصرافَ إلى اليَمينِ أفضَلُ بلا وجوبٍ، ولا حرَجَ في الانْصرافِ إلى الجهةِ اليُسْرى؛ لفِعلِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الأمرَينِ، وقيلَ: إنَّ الأمرَ يتَعلَّقُ بالحاجةِ والضَّرورةِ؛ فإذا كان له حاجةٌ بعدَ الصَّلاةِ لأيِّ جهةٍ انصرَفَ إليها؛ يمينًا أو شِمالًا