باب الانصراف من الصلاة 2
سنن النسائي
أخبرنا أبو حفص عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا الأعمش، عن عمارة، عن الأسود، قال: قال عبد الله: لا يجعلن أحدكم للشيطان من نفسه جزءا، يرى أن حتما عليه أن لا ينصرف إلا عن يمينه، لقد «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر انصرافه عن يساره»
لا يَنبغي للمُسلِمِ أنْ يجعَلَ للشَّيطانِ عليه سبيلًا، فيَترُكَه يُلبِّسُ عليه عِبادتَه، حتَّى يظُنَّ المُستحَبَّ واجبًا، أو غير ذلك، وابنُ مسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه
في هذا الحديثِ ينصَحُ أصحابَه بألَّا يجعَلوا للشَّيطانِ نصيبًا مِن صلاتِهم؛ وذلك لأنَّهم كانوا يرَوْن النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ينصرِفُ بعْدَ القِيامِ مِن صَلاتِه مِن جهةِ اليمينِ، فظنُّوا أنَّ الانصرافَ مِن جهةِ اليمينِ واجبٌ، وأنَّ الانصرافَ مِن جهةِ اليسارِ غيرُ جائزٍ، فأراد ابنُ مسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه أن يُوضِّحَ لهم أنَّ الانصرافَ عن اليَسارِ ليس فيه حرَجٌ، وأنَّه رأى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في مرَّاتٍ كثيرةٍ يَنصرِفُ بعْدَ الصَّلاةِ عن يَسارِه، وكان هذا خَشيةً مِن ابنِ مسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه أن يُجعَلَ ذلك مِن اللَّازمِ الَّذي لا يجوزُ غيرُه، وقد كان انصرافُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن يمينِه أكثرَ؛ لأنَّه كان يحِبُّ التَّيامُنَ في أمرِه كلِّه
وفي الحديثِ: أنَّ الانفتالَ والانصرافَ عن اليَمينِ والشِّمالِ مَشروعٌ، ولا كَراهةَ في أحَدِهما