باب التخيير في الصوم والفطر في السفر
بطاقات دعوية
حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، في يوم حار، حتى يضع الرجل يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم، إلا ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم وابن رواحة
السفر لا يخلو من المشقة البدنية والنفسية، ولذا خفف الله عز وجل عن المسافر، ورخص له في بعض التكاليف، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعض الصحابة يأخذون أنفسهم بالعزيمة دون الرخصة، ما وجدوا القوة لذلك؛ تقربا إلى الله عز وجل
وفي هذا الحديث يحكي أبو الدرداء رضي الله عنه أنهم خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر في يوم شديد الحرارة -وكان ذلك في رمضان، كما في رواية صحيح مسلم- حتى إن الرجل منهم كان يضع يده على رأسه يتقي بها شدة حرارة شمس ذلك اليوم، وليس فيهم أحد صائم سوى النبي صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن رواحة رضي الله عنه؛ فباقي الصحابة رضي الله عنهم أخذوا بالرخصة التي في قول الله تعالى: {ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} [البقرة: 185]
وقد ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفطر في بعض أسفاره، وعاب على الصائمين، كما في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان، فصام حتى بلغ كراع الغميم، فصام الناس، ثم دعا بقدح من ماء فرفعه، حتى نظر الناس إليه، ثم شرب، فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام، فقال: أولئك العصاة، أولئك العصاة»! فوصف رسول الله صلى الله عليه وسلم الصائمين بالعصاة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم إذا أمر أمرا فيجب امتثاله، وهو تارة يأمر بمقاله، وتارة يأمر بفعاله، فلما أفطر كان آمرا بلسان الحال قاصدا بذلك الرخصة؛ ليقوى بالفطر على الجهاد، فلما رغب هؤلاء عن فعله كانوا على غاية الغلط؛ فلذلك سموا عصاة من حيث إن فعلهم ذلك تجاوزوا فيه الشرع