باب التداوي بقطع العرق والكي
بطاقات دعوية
عن جابر - رضي الله عنه - قال بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أبي بن كعب طبيبا فقطع منه عرقا ثم كواه عليه. (م 7/ 22
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَريصًا على أُمَّتِه في كلِّ ما فيه صلاحُهم في الدِّينِ والدُّنيا، ومِن ذلك الأمرُ بالأخذِ بأسبابِ الشِّفاءِ كالتَّداوي والعِلاجِ.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي جابِرُ بنُ عبدِ الله رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَث إلى أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ رَضيَ اللهُ عنه طَبِيبًا، فقَطَع منه عِرْقًا، ثُمَّ كَوَاه على عِرْقِه بالنَّارِ، والكيُّ: اسْتِعمالُ النَّارِ في العِلاجِ مِنْ وَقْفِ نَزيفِ جُرحٍ وغيرِ ذلك، ولعلَّ الكيَّ هنا كان للحاجةِ الملحَّةِ، أو أنَّه لم يَتعيَّن غيرُه طريقًا للشِّفاءِ؛ لأنَّ تَرْكَ الكي أَوْلَى؛ لِمَـا فيـه مِن زيادةِ الألمِ بالنَّارِ الَّتي يُعذِّبُ اللهُ تَعالَى بها مَن عَصاه، وقدْ وَرَد عندَ أبي داودَ، عن عِمرانَ بنِ حُصَيْنٍ قالَ: «نَهَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عنِ الكيِّ، فاكتَوَينا، فما أفلَحنَ، ولا أنجَحنَ»، قيل: إنَّ هذا النَّهيَ إنَّما وَقَع لعِمرانَ بنِ حُصَينٍ رَضيَ اللهُ عنه فَقَطْ، ولم يَكُنْ نَهْيًا عامًّا؛ فقدْ ثَبَت في صَحيحِ مُسلِمٍ عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنه قال: «رُمِيَ سَعدُ بنُ مُعاذٍ في أَكْحَلِه، قال: فحَسَمَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيَدِه بمِشْقَصٍ، ثُمَّ وَرِمَتْ فحَسَمَه الثَّانيةَ»، والحسْمُ الكَيُّ، فلَربَّما كان الأمرُ خاصًّا بعِمرانَ؛ لأنَّهُ كان به الباسورُ، وهو وَرَمٌ عندَ الدُّبُرِ والمقعَدةِ، فيَكونُ الكيُّ خَطرًا عليه؛ ولذا نَهاه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عنه؛ فلا يكونُ هذا في حقِّهِ علاجًا. وقيل: إنَّما النَّهيُ كان لِمَنْ خَشِيَ الدَّاءَ قَبْلَ وقوعِه، وإنَّما أُبيحَ لِمَن وَقَعَ بِه الدَّاءُ والمَرَضُ.