باب الترغيب في الصدقة قبل أن لا يوجد من يقبلها 2
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تقيء الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان (4) من الذهب والفضة فيجيء القاتل فيقول في هذا قتلت ويجيء القاطع فيقول في هذا قطعت رحمي ويجيء السارق فيقول في هذا قطعت يدي ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئا. (م 3/ 84 - 85)
الحُبُّ الشَّديدُ للمالِ قدْ يَكونُ سببًا في قَتلِ الأنفُسِ وقَطعِ الأرْحامِ، ولكنَّه سيَكونُ يَومًا ما ليسَ له قِيمةٌ، وَمِن عَلاماتِ السَّاعةِ الصُّغرى الَّتي لم تَقَعْ بعدُ إخْراجُ الأَرضِ كُنوزَها المَخبوءَةَ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه سيأْتي زمانٌ تُلْقي الأَرضُ أَفْلاذَ كَبِدِها، أي: تُخرجُ ما في جَوفِها منَ القِطَعِ المَدْفونةِ فيها وكُنوزِها، وسُمِّيَ ما في الأرضِ كَبِدًا تَشْبيهًا بالكَبِدِ الَّتي في بطنِ البَعيرِ وغيرِه منَ الحيوانِ؛ لأنَّها أحَبُّ ما هو مخبَّأٌ فيها، كما أنَّ الكبِدَ أطيَبُ ما في بطنِ الجَزورِ وأحبُّه إلى العربِ، «أَمثالَ الأُسْطوانِ» جَمعُ أُسْطوانةٍ، وَهي السَّاريةُ والعَمودُ «مِنَ الذَّهبِ والفضَّةِ»، وشبَّهَه بالأُسْطوانِ لعِظَمِه وكَثرتِه، «فيَجيءُ القاتلُ فيَقولُ: في هذا»، أي: في مثلِ هذا ولأجْلِه قَتَلْتُ النَّفْسَ الَّتي حرَّمَ اللهُ قَتلَها، ويَجيءُ قاطعُ الرَّحمِ بسببِ شدَّةِ حِرصِه على المالِ، فيَنظُرُ إلى ما أخرَجَتْه الأرضُ، فيَقولُ: مِن أجْلِ هذا قَطعْتُ رَحِمي، فلم أَصِلْهم ومَنَعتُهم حُقوقَهم، ويَجيءُ السَّارقُ، فيقولُ: لأجْلِ مثلِ المالِ قد سرقْتُ، فقُطِعَت يَدي حدًّا، ثُمَّ بعدَ ما نَظَروا وقالوا ما قالوا، يَتْرُكونَ ما أَلقَتْه الأَرضُ منَ الكَنزِ؛ لكَثرتِه وصَيْرورتِه كالتُّرابِ، ولعدَمِ حاجتِهم إليه، ولعدمِ رَغبتِهم في جَمعِ المالِ، أو لأنَّه لا يَنفعُ حينَئذٍ، حيثُ إنَّ السَّاعةَ اقتَرَبتْ، وانقطَعَتِ الآمالُ في البَقاءِ في الدُّنيا.