باب الحث عَلَى الازدياد من الخير في أواخر العمر 3

بطاقات دعوية

باب الحث عَلَى الازدياد من الخير في أواخر العمر 3

عن عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: مَا صلّى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاةً بَعْدَ أَنْ نَزَلتْ عَلَيهِ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} إلَاّ يقول فِيهَا: «سُبحَانَكَ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)
وفي رواية في الصحيحين عنها: كَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يُكْثِرُ أَنْ يقُولَ في ركُوعِه وسُجُودهِ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي»،
يَتَأوَّلُ القُرآنَ. معنى: «يَتَأَوَّلُ القُرآنَ» أي يعمل مَا أُمِرَ بِهِ في القرآن في قوله تَعَالَى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ}.
وفي رواية لمسلم: كَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يُكثِرُ أَنْ يَقُولَ قَبلَ أَنْ يَمُوتَ:
«سُبحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَ‍مدِكَ أسْتَغْفِرُكَ وَأتُوبُ إلَيْكَ». قَالَتْ عائشة: قُلْتُ: يَا رَسُول الله، مَا هذِهِ الكَلِماتُ الَّتي أرَاكَ أحْدَثْتَها تَقُولُهَا؟ قَالَ: «جُعِلَتْ لي عَلامَةٌ في أُمَّتِي إِذَا رَأيْتُها قُلتُها {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} ... إِلَى آخِرِ السورة».
وفي رواية لَهُ: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُكثِرُ مِنْ قَولِ: «سبْحَانَ اللهِ وَبِحَمدِهِ أسْتَغفِرُ اللهَ وأتُوبُ إِلَيْهِ». قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رسولَ اللهِ، أَراكَ تُكثِرُ مِنْ قَولِ سُبحَانَ اللهِ وَبِحَمدهِ أسْتَغْفِرُ اللهَ وأتُوبُ إِلَيْه؟ فَقَالَ: «أخبَرَني رَبِّي أنِّي سَأرَى عَلامَةً في أُمَّتي فإذا رَأيْتُها أكْثَرْتُ مِنْ قَولِ: سُبْحَانَ اللهِ وبِحَمدهِ أسْتَغْفرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْه فَقَدْ رَأَيْتُهَا: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} فتح مكّة، {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}».

أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يذكره وينزهه عز وجل عن كل ما لا يليق به، وأن يطلب المغفرة منه سبحانه وتعالى دوما، وقد امتثل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك؛ فكان دائم الذكر والتسبيح والاستغفار لربه
وفي هذا الحديث تخبر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر أن يقول في حال ركوعه وسجوده أثناء الصلاة: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك»، أي: بتوفيقك لي وهدايتك وفضلك علي سبحتك لا بحولي وقوتي، ولأنك موصوف بصفات الكمال والجلال سبحك المسبحون، وعظمك المعظمون، أنزهك تنزيها عن كل نقص وعيب، ويكون مقرونا بحمدك كما أمرت، فالتسبيح هو التنزيه، وسبحانك، أي: براءة وتنزيها لك من كل نقص. ويقال: إن التسبيح مأخوذ من: سبح الرجل في الأرض؛ إذا ذهب فيها، فيكون التسبيح على هذا المعنى بمعنى التعجب من المبالغة في الجلال والعظمة والبعد عن النقائص
ثم يقول صلى الله عليه وسلم: «اللهم اغفر لي» يعني: امح عني ذنبي، وكان استغفار النبي صلى الله عليه وسلم شكرا لله وطلبا لرحمته وفضله، ولعل مقصوده صلى الله عليه وسلم من ذلك تعليم أمته التوبة من الذنوب وطلب المغفرة من الله؛ لأن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر
وتخبر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم كان بذلك يتأول القرآن، يعني: يفعل ما أمر به فيه، فيتأول ما جاء في القرآن من الأمر بالتسبيح والاستغفار في نحو قوله تعالى: {فسبح بحمد ربك واستغفره} [النصر: 3]
وفي الحديث: الدعاء في الركوع والسجود